الدكتور مجدي كامل الهواري يكتب: «مخاطر التطبيع الثقافى»

Feb 15, 2025 - 05:40
Feb 15, 2025 - 06:46
الدكتور مجدي كامل الهواري يكتب: «مخاطر التطبيع الثقافى»

إن دور المثقفين هو التمكين للخطاب الثقافي الرافض لكل أشكال التطبيع، و الرافض للانزلاق في مساره، ناهيك عن تزيينه أو تبريره .

و مفهوم التطبيع من الناحية اللغوية الصرف، «التطبيع» هو « استرجاع» لحالة كانت طبيعية، حالت ظروف ما «ذاتية أو موضوعية» دون استمرارها، فوجب بالتالي اعتمادها من جديد أو تبنيها. هو إضفاء لصفة «الطبيعية» على علاقة «أو علاقات» لم تكن كذلك من قبل، لكنها أضحت، أو أريد لها بحكم الأمر الواقع أن تضحي طبيعية، أو مقحمة في السياق العام، حتى وإن تسنى للفرد والجماعة النفور منها، و تعذر القابلية لديهما على تمثلها والقبول بها.

أما في السياق العالمي الحالي، فالتطبيع هو الرجوع إلى قاعدة السلم والتعاون، والاعتراف المتبادل، وتبادل التعاون والمنافع بين الشعوب والأمم.

وفي السياقات، الفلسطيني والعربي والإسلامي، وفي كل سياق مطبوع باحتلال أرض واغتصاب الحقوق التاريخية لهذا الشعب والاعتداء على حقوقه و مقدساته الدينية، فإن التطبيع يعني أن تقبل وتسلم من الناحية الفكرية والنفسية والسلوكية بالمحتل الغاصب، وأن تعترف به وتتعامل معه على أساس أنه أمر واقع وحالة طبيعية.

وفي السياق العربي الإسلامي، فإن المطالب بالتطبيع مع المحتل هو الأمة العربية والإسلامية، مع ما يعنيه ذلك من تسليم في فكرها وسلوكها ومشاعر مسؤوليها ومواطنيها، بأن ينتقل الاعتراف بالمحتل من حالة مرفوضة إلى حالة مقبولة و«طبيعية» مع ما يترتب على ذلك من تنازل عن الحقوق، وعلى رأسها حقوق أهلنا في فلسطين، وحقوق المسلمين في بيت المقدس باعتباره أولى القبلتين وثالث الحرمين، و مسرى رسول الله صلى الله وسلم، و منطلق معراجه إلى السماء، وبما يعنيه ذلك من انقلاب على مقررات دينية في كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعلى ثوابت في تاريخ وحضارة الأمة الإسلامية.

وهذا يعني أن التطبيع يتجاوز النطاق السياسي، ليشمل البعد العقدي والديني والحضاري للأمة العربية، سواء تعلق الأمر بالمسلمين أو المسيحيين، أو اليهود غير المتصهينين، أو اليهود غير المحاربين .