السرطان والسوء العام (Cachexia): الأمر لا يتعلق بك بل بالمرض

أبريل 13, 2025 - 15:18
السرطان والسوء العام (Cachexia): الأمر لا يتعلق بك بل بالمرض

 كتبت: أمنية شكري

 

 

هل يعاني مريض السرطان من لا مبالاة وفقدان الحافز؟ هذا ليس ضعفًا نفسيًا، بل نتيجة لحالة بيولوجية تُعرف بالسوء العام الناتج عن السرطان (Cachexia)، وفقًا لدراسة منشورة في مجلة ساينس.

عندما يتغير سلوك مريض السرطان

السرطان لا يهاجم فقط الجسد، بل يؤثر بعمق على الحالة النفسية والعقلية. إذا فقدت شخصًا عزيزًا بسبب السرطان، فقد لاحظت التغيرات العاطفية التي تحدث في المراحل الأخيرة من المرض: فقدان الحافز، اللامبالاة، وانعدام التفاعل حتى مع الأحفاد أو الأطعمة المفضلة. لكن كما تبيّن مؤخرًا، هذه الأعراض ليست نفسية فقط، بل لها أساس بيولوجي مرتبط بحالة تُسمى السوء العام (Cachexia).

دراسة علمية تكشف: لا مبالاة المريض ليست ذنبه

في دراسة حديثة نُشرت في مجلة Science، اكتشف العلماء أن هذه التغيرات السلوكية سببها خلل في التفاعل بين الدماغ والجهاز المناعي. أوضح البروفيسور توبيا جانويتز من مختبر كولد سبرينج هاربر (CSHL) أن كثيرًا من المرضى يعانون من أعراض مثل: "أشعر أنني لست أنا. لم أعد أستمتع بطعامي المفضل. لم أعد أشعر بالفرح عندما يزورني أحفادي."

 العلاقة بين السوء العام والدوبامين

من خلال دراسة على الفئران المصابة بـ Cachexia، وجد الباحثون أن بعض الخلايا العصبية أصبحت تنتج كمية أقل من الدوبامين، وهي المادة المسؤولة عن الشعور بالسعادة والتحفيز. كما اكتشفوا جزيئًا يُدعى IL-6، وهو بروتين مناعي يُفرز أثناء الالتهاب، وُجد أنه يلعب دورًا مباشرًا في تثبيط الحافز. فعندما تم تقليل إشارات IL-6 في أدمغة الفئران، ازدادت حركتها وحافزها للبحث عن الطعام.

 الحلقة البيولوجية: من الالتهاب إلى لا مبالاة المريض

قال الباحث آدم كيبكس من جامعة واشنطن في سانت لويس: "لقد اكتشفنا حلقة دماغية كاملة تستشعر الالتهاب في الدم وتُرسل إشارات لتقليل الحافز. وهذا يعني أن اللامبالاة ليست مجرد استجابة نفسية، بل هي ناتجة عن آلية بيولوجية داخل الدماغ".

علاجات جديدة تستهدف السوء العام

تشير نتائج الدراسة إلى أن العلاجات المناعية (مثل الأجسام المضادة) قد تُستخدم لتحسين جودة حياة مرضى السرطان، وليس فقط لعلاج الورم نفسه. يضيف جانويتز: "إذا شعر المريض بتحسن نفسي وجسدي، سيكون قادرًا على تحمل العلاج بشكل أفضل والاستفادة القصوى منه."

 أمل جديد: التعاون بين الطب العصبي وعلم الأورام

يؤمن الباحثون بأن التعاون بين التخصصات – علم الأعصاب، المناعة، والأورام – قد يؤدي إلى تحويل السوء العام من حالة مدمرة إلى مرض يمكن تجاوزه. وهذا لا يمنح الأمل فقط للمريض، بل أيضًا لعائلته التي تشاركه المعاناة.