الكشف عن مقبرة قائد جيوش الملك رمسيس الثالث في الإسماعيلية.. كنز أثري جديد يروي فصول التاريخ

كتب: د. مجدي كامل الهواري
في إنجاز أثري جديد، أعلنت وزارة السياحة والآثار عن اكتشاف مجموعة من المقابر الأثرية في محافظة الإسماعيلية، كان من أبرزها مقبرة القائد العسكري للجيش في عهد الملك رمسيس الثالث، أحد أعظم ملوك الأسرة العشرين، والذي حكم مصر بين عامي 1184 و1153 قبل الميلاد. هذا الكشف الفريد جاء ثمرة جهود البعثة الأثرية المصرية التابعة لـالمجلس الأعلى للآثار، والتي نجحت في العثور على هذه المقبرة الهامة خلال أعمال التنقيب في تل روض إسكندر بمنطقة المسخوطة، التي كانت تشكل خطًا دفاعيًا استراتيجيًا لحماية الحدود الشرقية لمصر في عصر الدولة الحديثة.
وأوضح محمد إسماعيل خالد، الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، أن هذا الاكتشاف يلقي الضوء على الأهمية العسكرية البالغة لهذا الموقع، الذي كان يزخر بالقلاع والحصون الدفاعية، كما يعزز فهمنا لطبيعة الحياة العسكرية والتنظيم الحربي في ذلك العصر. وقد أظهرت القطع الأثرية التي عُثر عليها داخل المقبرة مكانة صاحبها، حيث شملت مجموعة من الأدوات البرونزية مثل رؤوس السهام وبقايا صولجان الحكام، مما يشير إلى أنه كان يتقلد منصبًا عسكريًا رفيعًا.
المقبرة شُيدت من الطوب اللبن، وتتكون من حجرة دفن رئيسية وثلاث حجرات جانبية، تزين جدرانها الداخلية بطبقة من الملاط الأبيض. وأثناء عمليات الحفائر والتنظيف الأثري، تم العثور على هيكل عظمي بشري مغطى بطبقة من الكارتوناج، يرجح أنه يعود إلى عصر لاحق، ما يشير إلى احتمالية إعادة استخدام المقبرة في فترات تاريخية مختلفة. كما تم اكتشاف مجموعة من أواني الألباستر بحالة جيدة من الحفظ، مزينة بنقوش وبقايا ألوان، ومن بينها قطع تحمل خرطوش الملك حور محب، أحد أعظم القادة العسكريين قبل أن يصبح فرعونًا. ومن بين القطع المكتشفة أيضًا خاتم ذهبي يحمل خرطوش الملك رمسيس الثالث، بالإضافة إلى مجموعة من الخرز والأحجار الكريمة وصندوق صغير مصنوع من العاج.
كما كشفت أعمال التنقيب عن مقابر جماعية تعود للعصور اليونانية والرومانية، حيث تم العثور بداخلها على بقايا هياكل عظمية آدمية، بينما تضمنت المقابر الفردية التي تعود إلى العصر المتأخر تمائم جنائزية للإلهة تاورت والإله بس، ما يعكس استمرار المعتقدات الدينية والجنائزية عبر العصور المختلفة.
هذا الاكتشاف الأثري لا يعزز فقط معرفتنا بالتاريخ العسكري لمصر القديمة، بل يكشف أيضًا عن ممارساتها الدينية وطقوسها الجنائزية، ويقدم أدلة جديدة على كيفية إعادة استخدام المقابر عبر الأزمنة، ما يضيف فصولًا جديدة إلى سجل مصر الحافل بالأسرار والكنوز الأثرية.