عائشة بوشارب: أكتب لأتنفّس.. ولأبني عوالم لا تُقيّدني

أبريل 14, 2025 - 21:07
أبريل 14, 2025 - 21:12
عائشة بوشارب: أكتب لأتنفّس.. ولأبني عوالم لا تُقيّدني

حوار: ياسمين مجدي عبده

جاءت من المغرب تحمل في جعبتها الحروف، وفي عينيها شغف الكتابة المتوقد، عابرة للحدود لتصل إلى معرض القاهرة الدولي للكتاب، حيث تلتقي بجمهورها العربي من المحيط إلى الخليج. إنها الكاتبة المبدعة عائشة بوشارب، التي اختارت أن يكون للكلمة موطئ قدم في عالمٍ تموج فيه التفاصيل والتناقضات. التقينا بها، فكان هذا الحوار الذي جمع بين الحميمية والصدق، وفتح نوافذ على عوالمها الإبداعية.

لو أردنا التعرف عليك... هلا أخبرتنا شيئا عن بداياتك؟

 بدأت رحلتي مع الكتابة في سن مبكرة، لم أكن أعتبرها حينها أكثر من وسيلة للتعبير عن مشاعري وتفريغ ما يدور بداخلي. كنت أكتب خواطر ويوميات، ومع الوقت تطورت هذه الكتابات لتأخذ شكلاً أعمق، حتى وصلت إلى مرحلة كتابة الروايات والقصص. لم تكن بدايتي مرتبطة بتخطيط واضح، بل كانت استجابة طبيعية لحاجة داخلية للكتابة كطريقة لفهم نفسي والعالم من حولي.

هل كانت الكتابة جزءًا من عاداتك منذ الصغر أم ظهرت الموهبة مع مرور الوقت؟

الكتابة كانت رفيقة طفولتي، لكنني لم أكن أعي تمامًا أنها موهبة. كنت أكتب لأتنفس، لأهرب، لأخلق عوالم أكون فيها كما أشاء. ومع مرور الوقت، أدركت أن ما أفعله ليس مجرد هروب، بل بناء... بناء لهوية وأسلوب وروح.

من أول من كان يدعمك في مشوارك الأدبي؟

في البداية لم يكن هناك دعم مباشر، لأن محيطي لم يدرك تمامًا أن ما أفعله قد يتحول إلى مسار جدي. كنت أعتمد على نفسي وأكتب بصمت. لاحقًا بدأت عائلتي تلاحظ شغفي وبدأوا يشجعونني. لكن أول من دعمني بصدق وبدون شروط هم قرائي، الذين آمنوا بكلماتي حتى قبل أن أؤمن بها أنا.

حدثينا عن روايتك الأخيرة وما الذي دفعك لكتابتها؟

روايتي الأخيرة "لا أحد" كانت تجربة جديدة بالنسبة لي. لدي شغف بأدب الجريمة والرعب، وأردت تقديم شيء يمزج بين الدراما والغموض. كنت أبحث عن لحظة يتداخل فيها الخوف مع الفضول، أردت خلق عالم مفعم بالتفاصيل غير المتوقعة، وجعل القارئ يعيش التجربة بأعصابه.

كيف تختارين مواضيع أعمالك؟ وأي من أنواع الأدب تفضلين؟

لا أبحث عن موضوع معين، بل عن إحساس يجذبني عاطفياً وفكرياً. أكتب حين أشعر أن الموضوع فرض عليّ. أميل إلى الأدب الذي يتناول الإنسان بتعقيداته، سواء في إطار بوليسي، نفسي، أو درامي. أحب الغموض لأنه يعبّر عن طبائعنا كبشر لا نبوح بكل شيء بسهولة.

ما هي مزايا النشر الورقي وعيوبه من وجهة نظرك؟

النشر الورقي له طابع خاص، ويمنح الكتاب مصداقية وانتشارًا في المعارض والمكتبات. لكنه مكلف في الإنتاج والتوزيع، مقارنة بالنشر الإلكتروني الذي يتيح سهولة الوصول وسرعة النشر.

هل تعتبرين الكتابة وسيلة للتعبير أم وسيلة لنقل رسالة؟

الكتابة عندي مزيج بين التعبير عن أفكاري الشخصية وبين رغبة في إيصال رسالة. أكتب لأتواصل، لأشارك، ولأسلط الضوء على قضايا وأفكار أؤمن بها. أحيانًا أكتب لأغير شيئًا في وعي القارئ، أو على الأقل أجعله يتأمل.

حدثينا عن عملك القادم؟

عملي القادم يتناول موضوع تناسخ الأرواح، ولكن من زاوية فلسفية ونفسية عميقة. أبحث فيه عن أسئلة أكثر من إجابات.

كيف تتعاملين مع النقد؟

ج: أستمع للنقد كما هو. لا أرفضه ولا أقدسه. أميّز بين من يقرأ لي بشغف وبين من يقرأ لي ليحكم. النقد البناء أحتفي به، أما الهدّام فأحاول ألا أسمح له أن يشوه علاقتي بالكتابة.

هل واجهتِ لحظة فشل وتم تحويلها لنجاح؟

 نعم، في إحدى المرات تم رفض رواية لي من دار نشر كبرى. شعرت بالخذلان، لكني أعدت كتابة الرواية بالكامل، فجاءت أقوى. نشرتها لاحقاً في دار محترمة ولاقت صدى واسعًا.

هل تعتبرين الكتابة وسيلة للعلاج النفسي؟

 أجل وبكل صدق. حين لا أكتب أشعر أنني أختنق. الكتابة عندي مثل المصل الذي ينعش الجسد العليل، هي دوائي وسري الصغير.

لماذا برأيك تراجع الأدب الرومانسي مقابل صعود أدب الرعب والفانتازيا؟ وهل سنرى فارس رومانسية جديد؟

ج: لأن العالم أصبح أكثر قسوة، والقارئ يبحث عما يوازي اضطرابه وخوفه. لكن الرومانسية لا تموت، بل تنتظر من يكتبها بصدق بعيدًا عن الابتذال. نعم، سنرى فارسًا جديدًا يعرف أن الحب ليس ضعفًا بل قوة.

كثرة عدد الكُتّاب في الوقت الحالي... هل هو مفيد أم مضر؟

الكثرة بحد ذاتها ليست سلبية. الأدب لا يُقاس بعدد من يكتب بل بمن يترك الأثر. والمخلصون وحدهم من يصمدون ويُخلدون.

هل لديكِ هوايات أخرى بعيدة عن الكتابة؟ وهل تجدين وقتًا لها؟

ج: أحب تأمل الطبيعة، وأجد في تصميم الجرافيك متعة وإبداعًا مختلفًا. وقتي محدود، لكني أحرص على سرقة لحظات صغيرة أمارس فيها هواياتي.

كيف تقيّمين هذا الحوار؟

كان حوارًا دافئًا وعميقًا، يشبه جلسة صادقة بين كاتبة وقارئ مهتم. أشكركم على هذه المساحة النبيلة التي منحتموني إياها.

 لاحظتِ أنكِ تكتبين أنتِ وشقيقتك... صفي لنا حال منزل فيه شقيقتان كاتبتان؟

منزلنا يشبه ورشة أدبية دافئة. نختلف كثيرًا، ننتقد نصوص بعضنا، ثم نعود لنكتب في صمت. هناك تنافس ناعم لكنه محفّز. أن تكون أختك كاتبة، يعني أن تملك مرآة أدبية لا تجاملك بل تحبك وتدفعك للأفضل.