د.حازم الشاذلي يكتب: جحا والحلة

يبدو أن جحا سيظل يحكم ويتحكم فى فكرنا وتصرفاتنا بنوادره التى تخرج عن المنطق فى كثير من الأحيان.
يحكى أن الحاكم فى زمن من الأزمنة أعلن فى المدينة عن مكافأة عشرة آلاف دينار لمن يعلم حماره القراءة والكتابة ومن الغريب أن جحا قد انبرى وتقدم للحاكم معلناً أنه على استعداد لتعليم الحمار ولكن لأنه حمار فإن ذلك سيستغرق عشر سنوات وأنه يجب أن يقبض المكافاة مقدماً لأن عملية تعليم الحمار ستكون مكلفة ٠٠٠وافق الحاكم الأبله وأعطى جحا المكافأة وهرع الناس إلى جحا واتهموه بالجنون والتهور فليس من المعقول أن يتعلم الحمار القراءة والكتابة ولو بعد قرن خاصة وأن الحاكم قد توعد جحا بقطع رقبته إذا لم يتعلم الحمار فقال جحا بكل ثقة يا جماعة بعد عشر سنوات إما أن أموت أو الحاكم يموت أو الحمار يموت!
وهكذا نرى أن حتى الآن ما يزال البعض أفراداً وحكومات يفكرون بهذه الطريقة ويتصورون أن الزمن كفيل بصتع المعجزات ناسين أن الوقت يمر باسرع من المتوقع وتظل المعطيات فى مكانها ٠
ثم يحكى أن جحا كان يركب حماره متجها للسوق وبجواره ابنه يسير على قدميه فقال الناس يا للعار جحا يؤثر نفسه ويركب بينما إبنه الضعيف يسير على قدميه فماكان من جحا إلا أن نزل من على الحمار وجعل إبنه يركبه فقال الناس يا عيب الشوم الولد قليل الحياء يركب الحمار وأبوه المسن يسير على قدميه فما كان من جحا إلا أن انزل إبنه وسار الإثنين بجوار الحمار فقال الناس ماهذا السفه لديهما حمار ويسيرا على قدميهما ؟ ركب جحا الحمار مع إبنه فقال الناس اليس هناك شىء من الرحمة على هذا الحيوان المسكين كيف يتحمل نفرين على ظهره ؟ جن جنون جحا وقال يا ناس ياهو ماذا أفعل حتى لا ألام ولم يتبق إلا أن أسير واحمل الحمار فوق راسي! وهذا هو الحال هذه الأيام فإنك لن تعجب الناس مهما فعلت فمثلاً إذا قام إعلامى بارز بمدح إنجاز ما للحكومة تهلل وسائل التواصل الاجتماعى فلان يطبل وينافق الحكومة فإذا ما قام نفس الإعلامى بمهاجمة الحكومة وانتقادها سيقولون أنه يسعى للفتنة وله أجندة.. أليس كذلك؟
وأخيراً أقتبس هذه الفقرة من رائعة الأستاذ صنع الله ابراهيم رواية شرف وأهديها للسادة الأفاضل المستريحين والذين يؤمنون بقدراتهم اللولبية فى استثمار الأموال٠٠
اقترض جحا من جارته حلة وطال اقتراضه لها وبعد شهر جائته الجارة وطلبت حلتها فأعطاها جحا الحلة ومعها حلة أخرى صغيرة فسألته ما هذه فقال أن الحلة قد ولدت عنده لذا فالحلة الصغيرة من حقها.. أخذتها الجارة فرحة وانتشر الخبر فجاء البعض لجحا ليقرضوه حللهم ويأخذوا بعدها الحلة ومولودها ٠٠وبعد شهور جاء رجل ليأخذ حلته ومولودها فلم يعطه جحا شيئا فتسائل الرجل فقال له جحا أن حلته قد ماتت وهى تضع مولودها فاستنكر الرجل وقال وهل من المعقول أن تموت حلة ؟ فقال جحا بكل ثقة أنت صدقت أن الحلة تلد فلماذا تنكر الآن أنها من الممكن أن تموت ؟
والحدق يفهم!