هل يعتقدون أنني أتحدث كثيرًا؟

Nov 30, 2024 - 07:21
هل يعتقدون أنني أتحدث كثيرًا؟

 

 

كتبت : أمنية شكري

تسعى هذه الدراسة إلى فهم أفضل لكيفية تطور البشر لمراعاة الآخرين. يرتبط الجزء الجديد من الدماغ الذي يدعم التفاعل الاجتماعي باللوزة الدماغية القديمة ويتواصل معها باستمرار.

هذه هي الدراسة الأولى التي تستخدم التصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي لرسم تفاصيل الشبكة المعرفية الاجتماعية في الدماغ التي لم يتم رؤيتها من قبل.

لقد مررنا جميعًا بمثل هذه التجربة. فبعد وقت قصير من مغادرة الحفلة، يمتلئ عقلك فجأة بأفكار متطفلة حول ما يفكر فيه الآخرون. "هل يعتقدون أنني أتحدث كثيرًا؟" "هل أساءت إليهم نكاتي؟" "هل استمتعوا بالوقت؟".

في دراسة جديدة أجرتها جامعة نورث وسترن، حاول العلماء فهم كيفية تطور الإنسان ليصبح متمكنًا في التفكير في أفكار الآخرين. قد يكون لهذا الاكتشاف تأثيرات في علاج الأمراض النفسية مثل القلق والاكتئاب في المستقبل.

قال المؤلف الرئيسي رودريغو براغا: "نقضي الكثير من الوقت نفكر، 'ما مشاعر وأفكار تلك الشخص؟ هل قلت شيئًا أزعجهم؟'، وأضاف: "الجزء من الدماغ الذي يسمح لنا بذلك يقع في المناطق التي توسعت مؤخرًا في الدماغ البشري في التطور، وهذا يعني أن هذه عملية تطورية حديثة. فمن الناحية الجوهرية، أنت تضع نفسك في ذهن شخص آخر، وتستنتج أفكاره رغم أنك لا تستطيع أن تعرفها حقًا".

اكتشفت الدراسة أن الجزء الأحدث من الدماغ، الذي يدعم التفاعلات الاجتماعية ويعرف بالشبكة المعرفية الاجتماعية، متصل ومنخرط بشكل مستمر مع جزء قديم من الدماغ يُسمى اللوزة الدماغية.

 تُعرف اللوزة الدماغية عادةً بـ "دماغ السحلية"، والتي ترتبط عادةً باكتشاف التهديدات والتعامل مع الخوف. مثال تقليدي على عمل اللوزة الدماغية ألا وهو رد الفعل الفسيولوجي والعاطفي عند رؤية شخص لثعبان: حيث يرتعش الجسم، وتتسارع دقات القلب، وتتعرق راحتا اليدي لكن براغا يقول إن اللوزة الدماغية تقوم بوظائف أخرى.

قال براغا -الأستاذ المساعد في طب الأعصاب كلية فينبرغ للطب بجامعة نورث وسترن-: "على سبيل المثال، اللوزة الدماغية مسؤولة عن السلوك الاجتماعي مثل تربية الأطفال، والتزاوج، والهجوم، والتنقل في التسلسل الهرمي للهيمنة الاجتماعية". وأضاف: "اكتشفت الدراسات السابقة تفعيلًا مشتركًا بين اللوزة الدماغية والشبكة المعرفية الاجتماعية، لكن دراستنا جديدة لأنها تظهر أن الاتصال دائمًا ما يحدث". 

نُشرت هذه الدراسة في مجلة "ساينس أدفانسزsience Advances" في 22 نوفمبر.

*تعد مسوحات الدماغ العالية الدقة أمرًا أساسيًا.

يوجد داخل اللوزة الدماغية جزء خاص يسمى النواة الوسطى، وهو مهم جدًا للسلوك الاجتماعي. هذه الدراسة هي الأولى التي تظهر أن النواة الوسطى للوزة الدماغية ترتبط بالمناطق المتطورة حديثًا من الشبكة المعرفية الاجتماعية المشاركة في التفكير في الآخرين. ساعد هذا الارتباط باللوزة الدماغية في تشكيل وظيفة الشبكة المعرفية الاجتماعية من خلال السماح للوزة الدماغية بالعمل في معالجة المحتوى المهم عاطفيًا.

ويعود الفضل في ذلك إلى التصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي (fMRI)، وهو تقنية تصوير دماغية غير جراحية تقيس نشاط الدماغ عن طريق اكتشاف التغيرات في مستويات الأكسجين في الدم. في إطار مجموعة بيانات المشهد الطبيعي (NSD)، قدم الباحث المشارك كيندريك كاي من جامعة مينيسوتا بيانات التصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي معلومات إلى براغا، كما قدمت المؤلفة المشاركة دونيسا إدموندز بيانات التصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي من أدمغة ستة مشاركين في الدراسة. هذه المسوحات عالية الدقة مكنت العلماء من رؤية تفاصيل شبكة المعرفة الاجتماعية التي لم تُكتشف في مسوحات الدماغ منخفضة الدقة. والأهم من ذلك، أنهم تمكنوا من تكرار النتائج في كل شخص من المشاركين مرتين.

قالت دونيسا إدموندز -مرشحة الدكتوراه في علم الأعصاب في مختبر براغا في جامعة نورث وسترن-: "إحدى أكثر الأشياء إثارة هي أننا تمكنا من تحديد مناطق في الشبكة لم نتمكن من رؤيتها من قبل. قبل دراستنا، كانت هذه النقطة مهمشة، ونحن قادرون على القيام بذلك بفضل البيانات عالية الدقة".

*إمكانية علاج القلق والاكتئاب

قالت إدموندز إن القلق والاكتئاب يرتبطان غالبًا بفرط نشاط اللوزة الدماغية، مما قد يؤدي إلى ردود فعل عاطفية مفرطة وضعف في النتظيم العاطفي. في الوقت الحالي، يمكن للمرضى المصابين بهذين المرضين أن يخضعوا للعلاج بالتحفيز العميق للدماغ، ولكن نظرًا لأن اللوزة الدماغية تقع في عمق الدماغ، خلف العينين مباشرة، فإن هذا يتطلب تدخل جراحي. الآن، مع الاكتشاف الجديد، قد يمكن علاج المرضى باستخدام طريقة أقل تدخلاً مثل التحفيز المغناطيسي عبر الجمجمة (TMS)، التي قد تستفيد من هذه المعرفة حول الروابط الدماغية لتحسين العلاج، كما يقول المؤلفون.

قالت إدموندز: "من خلال فهم كيفية ارتباط اللوزة الدماغية مع مناطق أخرى في الدماغ، ربما في مناطق أقرب إلى الجمجمة، مما يجعلها أسهل في استهدافها، وهذا يعني أن العلاج بـ TMS يمكن أن يستهدف مناطق أخرى من الدماغ والتي بدورها تؤثر على اللوزة الدماغية بدلاً من استهدافها بشكل مباشر".‎‎‏

المصدر:

https://www.ebiotrade.com/newsf/2024-11/20241123064936406.htm