الدكتور مجدي كامل الهواري يكتب: مكاسب حزب الله من جنازة نصرالله العلنية

إن الحدث الجماهيري الذي شهدته العاصمة اللبنانية لتشييع جثماني الأمين العام السابق لحزب الله حسن نصر الله وخليفته هاشم صفي الدين، اللذين قُتِلا بغارتين إسرائيليتين منفصلتين، بلغ صداه كل العالم. وتُحلّل الصحف العالمية الرسائل التي حملها هذا التشييع الضخم ودلالاته الدولية والاستعراضية لإمكانيات حزب الله وأعداده الضخمة.
وقالت صحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية اليوم، تحت عنوان «حزب الله يستغل جنازة نصرالله لإظهار أنه ما زال حياً»، إن الوضع الذي يمر به حزب الله بعد مقتل زعيمه حسن نصر الله يظهر كيف أن الحزب يسعى إلى الحفاظ على قوته السياسية والعسكرية رغم الهجمات الإسرائيلية والتحديات التي يواجهها.
وأن الهدف من الجنازة الضخمة هو إظهار قدرة حزب الله للبنان والعالم على الحفاظ على السيطرة الأمنية، وإبراز العدد الكبير من الداعمين للحزب، على الرغم من أنه خسر بعض قدراته وشرعيته في صراعه مع إسرائيل. وهذا الحشد الكبير من المشيعين الذين ظهروا في الجنازة أكدوا التزامهم الثابت بقيم وأهداف المقاومة. ورغم معوقات الطبيعة من أمطارها وثلوجها وصقيعها، وتهديدات الأعداء من صهاينة وأمريكيين وطائفيين، لم يؤثر ذلك على برنامج الاستعراض في تشييع الجنازة.
وقد حملت مراسم التشييع عددًا من الرسائل التي قدرت بخمس نقاط رئيسة:
أولها: أن الناس يؤمنون بصدق وتفاني حسن نصر الله.
ثانيها: أن الحشد أعرب عن التزامه بقيم الأديان والثقافات الإنسانية.
ثالثها: رفض الانغلاق في الدين أو الطائفة.
رابعها: التأكيد على أن الهدف الأعلى للجهاد هو تحرير فلسطين من الاحتلال الصهيوني.
خامسها: بيان أن الحزب يسعى لبناء عالم قائم على الحرية والعدالة والكرامة.
ورغم تعرض حزب الله لنكسة باغتيال نصر الله، فإن القيادة البديلة سارعت إلى تجاوزها والتعافي منها بسرعة قياسية. وقد اضطرت "القيادة البديلة" إلى مجاراة حكومة تصريف الأعمال في لبنان بالموافقة على اتفاق لوقف إطلاق النار أواخر نوفمبر 2024.
وتمكن الحزب من منع إسرائيل من التقدم إلى قرى لبنانية حدودية، إلا أن الولايات المتحدة تدعي بأن إسرائيل هزمت المقاومة في لبنان.
والتشييع الذي نُظِّم بالأمس لنصر الله وهاشم صفي الدين يشبه التشييع الذي نُظِّم في مصر لجمال عبد الناصر. وعلى الرغم من وجود شكوك حول قدرة الحزب على تنظيم «احتفال تشييع يليق بسيد شهداء الأمة»، فإنه نجح في تنظيم حفل تشييع مهيب بمشاركة مليونية.
وأقل ما يوصف به التشييع أنه بحر من الجماهير المحبة المحتشدة والمشيعة، التي أكدت حبها العميق لشهداء الأمة والتزامها المتين بقسمها بأن المقاومة ستبقى مستمرة، صلبة، صاعدة، وفاعلة حتى النصر. هذه تُعتبر جزءًا من المكاسب التي حققها حزب الله جراء تشييع جنازة حسن نصر الله ورفيقه، إلى جانب عدد من الرسائل الخفية الموجهة إلى إسرائيل.