د.حازم الشاذلي يكتب: هيوارد وتوت وكارنارفون والمتحف الكبير

Oct 22, 2025 - 04:21
Oct 22, 2025 - 05:17
د.حازم الشاذلي يكتب: هيوارد وتوت وكارنارفون والمتحف الكبير

بعد أيام سيتم افتتاح المتحف الكبير وهو هدية مصر للعالم وأكبر حدث ثقافى ربما فى هذا العقد ولا يقل أهمية عن اكتشاف مقبرة توت عنخ أمون والذى سنتكلم عنه اليوم ولذى سيكون فى نفس تاريخ اكتشاف المقبرة٠

كثيراً ما تجمع الحياةبين أسماء وتتلاقى أرواح لتنتج للبشرية تاريخاً يظل محفوراً على مدى الأجيال وهذا ماحدث بالنسبة لاكتشاف مقبرة توت عنخ أمون.

نشأ الإنجليزي هيوارد كارتر نشأة متواضعة في بريطانيا ولم يتلق تعليماً يذكر ثم جاء الى مصر شاباً صغيراً عام ١٨٩١

وبدأ فى تعلم الرسم والنقش ثم عمل فى الاكتشافات الأثرية ببنى حسن وأصبح بعدها تحت وصاية عالم مصريات انجليزي هو بيتري وفى عام ١٨٩٩ اكتشف بعض الأثار التى تعود للملكة حتشبسوت فى الدير البحرى ثم نقل إلى وظيفة بالمجلس الأعلى للأثار ثم استقال منها بسبب خلاف مع بعض السائحين الفرنسيين وكان قد تعرف على تيودور ديفيز الثرى الأمريكي المغامر عاشق الأثار والذي حصل على حق التنقيب عن الأثار فى وادى الملوك بمساعدة الكثير من الأثريين ومنهم كارتر ولكنهما اختلفا بسبب التباين فى الطباع.

عاش كارتر بعد الاستقالة أياماً صعبة فى الأقصر وكان يقتات من رسم وبيع اللوحات

ثم جائت نقطة التحول فى حياته عتدما تعرف على اللورد كارنارفون أحد الأثرياء والهواة الباحثين والمتحمسين للكشف عن الأثار المصرية وكان على استعداد لتمويل بعثات كارتر الاستكشافية٠

 مل كارنارفون وقرر التوقف إلا أن في النهاية قرر أن يكون موسم ١٩٢٢هو أخر موسم للتنقيب٠

وفى ٤نوفمبر١٩٢٢ وبينما كان كارتر يقوم بحفريات فى مدخل النفق المؤدى ألى قبر رمسيس السادس لاحظ وجود قبو كبير فاستمر فى التنقيب إلى أن وصل إلى الغرفة التى تضم ضريح الملك توت وراح كارتر ينظر الى الغرفة من خلال فتحة وعلى ضوء شمعه ليقول لمساعده أه يرى أشياءاً رائعة كما ذكرت الروائية الكبيرة دكتورة ريم بسيونى فى افتتاحية روايتها الجميلة أشياء رائعة٠

وترجع أهمية مجموعة توت عنخ أمون إلى أن هذا الكنز هو أكمل كنز ملكى عثر عليه ولا نظير له وتوضح كيف كان القبر الملكى يعد كما أن المقبرة تخص ملك يعتبر لغزاً تاريخياً بسبب توليه العرش طفلاً ووفاته شاباً فى الثامنة عشرة فدارت حول وفاته الشبهات خاصة بعد أن تزوجت أرملته من وزيره الذى قيل أنه دبر الاغتيال.

وقد قامت فى عهده ثورة بدأت من تل العمارنة ضد حركة والده الملك امنمحات الرابع أو أخناتون الذى دعا الى التوحيد.

وقد خضع جثمان الملك الى تجارب علمية كثيرة للبت فى كل الشكوك التى دارت حوله فأثبت التصوير المقطعى أن الفتحة فى الرأس ليست بسبب محاولة الاغتيال وإنما لغرض التحنيط بعد الوفاة وأوضح العالم المصرى الكبير دكتور زاهى حواس أنه ليس هناك أى دليل على أنه تلقى ضربة على الرأس كما أظهرت التحاليل الحديثة أن سبب الوفاة المبكرة ربما يكون بسبب مرض متلازمة مارفان وهى حالة وراثية وجاء تقرير علماء الأثار المصريين أن سبب الوفاة هو تسمم الدم نتيجة الغرغرينة التي أصابت كسراً في عظمة الفخذ ٠

وقد فتحت الشبهات حول حياة وممات الفرعون الصغير الغامض شهية بعض الروائيىين وأطلقت العنان للخيال الواسع فأفترض روائى كبير فى رواية مشهورة أن توت هو ابن متبنى لإخناتون.

وقد شاهدت من فترة قصيرة فيلماً مصرياً بعنوان البحث عن توت عنخ أمون من بطولة حسين فهمى وعمر الحريرى وجيهان نصر ومحمدمنير يتحدث عن كارتر ويعطى له صورة مثالية للغاية وقد لا يكون هذا حقيقياً لأن الكثيرين تحدثوا عن حدة طباعه وغطرسته كما لأوضح هذا خلافه مع السائحين الفرنسيين كما أنه بالتأكيد لم يكن من مؤيدى بقاء الكنز فى مصر بل دعا لنقله إلى لندن كما أنه تدور الشبهات حول أن كارتر قد احتفظ ببعض قطع الكنز لنفسه.

وأخيراً عن لعنة الفراعنة التى أصابت كارتر وكارنارفون فأن هذه مجرد أوهام لم يقم عليها أى دليل علمى.

أما ما سيبقى حقيقة لاجدال فيها هو أن توت عنخ أمون سيبقى خير سفير لمصر على مر العصور٠