د. أيمن إمام يكتب: اكتشف اسرار مقاومة الأنسولين… العدو الخفي وراء السمنة والسكري والكبد الدهني

في العقود الأخيرة، أصبحت مقاومة الأنسولين هي "المفتاح الصامت" الذي يربط بين السمنة، والسكر من النوع الثاني، والكبد الدهني، بل وحتى أمراض القلب والأوعية الدموية. ورغم خطورتها، فإن كثيرًا من الناس لا يدركون وجودها إلا بعد سنوات من بدايتها.
فما هي مقاومة الأنسولين؟ ولماذا تعد أخطر مما نتصور؟
ما هي مقاومة الأنسولين؟
الأنسولين هو الهرمون الذي يفرزه البنكرياس ليساعد الخلايا على امتصاص الجلوكوز من الدم واستخدامه كمصدر للطاقة.
لكن عندما تفقد الخلايا حساسيتها لهذا الهرمون، نُسمي ذلك مقاومة الأنسولين.
ولتعويض ذلك، يبذل الجسم جهدًا أكبر ويفرز كميات متزايدة من الأنسولين للحفاظ على مستوى سكر الدم طبيعيًا، مع ارتفاع تدريجي في الجلوكوز.
لماذا هي خطيرة؟
تشير الأبحاث إلى أن مقاومة الأنسولين ليست مجرد مرحلة مبكرة من السكري من النوع الثاني، بل هي المحرك الأساسي لعدد من أمراض العصر:
- السمنة: ارتفاع الأنسولين المزمن يحفّز تخزين الدهون ويصعّب حرقها.
- السكر من النوع الثاني: مع الوقت يعجز البنكرياس عن مجاراة المقاومة، فيرتفع سكر الدم بشكل مزمن.
- الكبد الدهني: تراكم الدهون في الكبد يرتبط ارتباطًا وثيقًا بزيادة مقاومة الأنسولين.
- أمراض القلب: زيادة الالتهابات واضطراب الدهون في الدم من النتائج المباشرة لهذه الحالة.
العلامات المبكرة
قد تمر مقاومة الأنسولين دون أعراض واضحة، لكن هناك إشارات تستحق الانتباه:
- زيادة الوزن خاصة في منطقة البطن (محيط خصر أكبر من ١٠١ سم للرجال و٨٩ سم للنساء).
- ارتفاع ضغط الدم (٨٠/١٣٠ أو أكثر).
- اضطراب الدهون (زيادة الدهون الثلاثية وانخفاض الكوليسترول النافع).
- إرهاق وخمول متكرر خصوصًا بعد الوجبات، مع زيادة الجوع والعطش.
- الشوك الأسود: بقع داكنة ومخملية في مؤخرة الرقبة، تحت الإبطين أو بين الفخذين.
- متلازمة تكيس المبايض وسكري الحمل عند النساء.
إذا ظهرت لديك أي من هذه العلامات، بادر باستشارة الطبيب الذي سيطلب فحوصات لقياس مستويات الجلوكوز والأنسولين وتحديد العلاقة بينهما لتشخيص مقاومة الأنسولين، إلى جانب تحاليل أخرى لتحديد خطة العلاج المناسبة.
هل يمكن عكس المسار؟
الخبر الجيد أن مقاومة الأنسولين ليست حكمًا نهائيًا. الأبحاث الحديثة تؤكد إمكانية عكس مسارها عبر تعديلات في نمط الحياة:
- التغذية: تقليل الكربوهيدرات المكررة والسكريات، مع اتباع حمية متوازنة مثل البحر المتوسط.
- النشاط البدني: ممارسة ١٥٠ دقيقة أسبوعيًا من التمارين الهوائية (مثل المشي) مع تمارين المقاومة مرتين على الأقل.
- النوم وإدارة التوتر: الحصول على ٧-٨ ساعات نوم جيد يقلل من هرمون الكورتيزول الذي يرفع مستوى الجلوكوز.
- الوزن الصحي: فقدان ٥-١٠٪ من وزن الجسم قد يُحدث فرقًا جوهريًا.
العلاج: كيف نكسر دائرة المقاومة؟
بالإضافة إلى نمط الحياة الصحي، قد يلجأ الطبيب إلى بعض الأدوية لتحسين حساسية الخلايا للأنسولين.
- الأدوية الحديثة: بعض أدوية السكري من النوع الثاني والسمنة تُظهر نتائج واعدة في تحسين مقاومة الأنسولين وتقليل مخاطر القلب.
- المكملات الغذائية: هناك أدلة على دور كل من فيتامين د، وأحماض أوميغا-٣، والمغنيسيوم كمساعدين محتملين.
الخلاصة
مقاومة الأنسولين ليست مجرد مصطلح طبي، بل بوابة رئيسية لكثير من أمراض العصر.
الكشف المبكر، وتغيير نمط الحياة، مع العلاجات الدوائية عند الحاجة، يمكن أن يغير المسار تمامًا ويعيد للجسم توازنه بعيدًا عن السكري، والكبد الدهني، ومضاعفات القلب.