تطبيق RESiLIENT: كيف يمكن لهاتفك الذكي أن يعالج الاكتئاب والقلق؟
كتبت: أمنية شكري
في عصر التكنولوجيا المتسارعة، كثيرًا ما تُتَّهَم الهواتف الذكية بأنها مصدر للقلق النفسي والتوتر، بسبب الأخبار السلبية والمقارنات الاجتماعية المستمرة. لكن دراسة جديدة تقلب هذه الفكرة رأسًا على عقب، وتقترح أن الهاتف الذكي قد يصبح أداة فعالة لعلاج الاكتئاب والقلق.
تطبيق جديد للعلاج السلوكي المعرفي عبر الهاتف
قام فريق بحثي من جامعة كيوتو في اليابان بتطوير تطبيق مبتكر يُدعى "RESiLIENT"، يهدف إلى تقديم العلاج السلوكي المعرفي (CBT) من خلال الهاتف الذكي. ويُعد العلاج السلوكي المعرفي من أكثر أساليب العلاج النفسي فعالية في التعامل مع الاكتئاب والقلق واضطرابات النوم.
وقد خضع التطبيق لأكبر تجربة عشوائية على مستوى الأفراد، حيث تم اختباره على قرابة 4000 شخص بالغ يعانون من الاكتئاب دون العتبة، وهي حالة نفسية تتمثل في أعراض اكتئابية مستمرة لكنها لا تصل إلى مستوى الاكتئاب الشديد، ومع ذلك تؤثر سلبًا على جودة الحياة.
ما الاكتئاب دون العتبة؟
يُعرف الاكتئاب دون العتبة بأنه شكل خفيف إلى متوسط من الاكتئاب المزمن، لا تنطبق عليه المعايير الكاملة لتشخيص الاكتئاب الإكلينيكي، لكنه شائع ويؤثر على نحو 11% من سكان العالم. وغالبًا ما يُهمل علاج هذا النوع من الاكتئاب، مما يزيد من خطورته على الصحة النفسية.
مهارات CBT داخل تطبيق واحد
يُدرّس تطبيق RESiLIENT خمس مهارات أساسية من تقنيات العلاج السلوكي المعرفي:
تفعيل السلوك
إعادة الهيكلة المعرفية
حل المشكلات
التدريب على التعبير عن الذات (assertiveness)
إدارة الأرق
شارك المستخدمون في برنامج تدريبي عبر التطبيق لمدة ستة أسابيع، وتمت متابعتهم على مدار ستة أشهر، مع مقارنة النتائج بثلاث مجموعات ضابطة:
مجموعة استخدمت تطبيقًا صحيًا عامًا.
مجموعة استخدمت تطبيقًا للفحص الذاتي.
مجموعة لم تتلقَ أي تدخل علاجي (قائمة الانتظار).
نتائج فعّالة تُنافس الأدوية المضادة للاكتئاب
أظهرت النتائج أن تطبيق RESiLIENT ساهم في تقليل أعراض الاكتئاب والقلق والأرق بشكل ملحوظ، واستمر هذا التحسن لمدة تصل إلى 26 أسبوعًا. والأهم من ذلك، لم يتم رصد أي آثار جانبية خطيرة لاستخدام التطبيق، ما يجعله بديلاً آمنًا وفعّالًا مقارنة بالأدوية التقليدية المضادة للاكتئاب.
نحو علاج نفسي رقمي مخصص لكل فرد
أوضح البروفيسور توشياكي فوروكاوا، المؤلف الرئيسي للدراسة، أن: "هدفنا هو أن يتمكن أي شخص، في أي مكان، من الوصول إلى هذه المهارات النفسية بسهولة. نحن نستخدم هذه البيانات لتخصيص العلاج وتحسينه بناءً على احتياجات كل مستخدم"
مستقبل تطبيقات الصحة النفسية
يعمل فريق البحث حاليًا على تطوير منصة رقمية جديدة تهدف إلى تقديم تدخلات مخصصة لكل مستخدم على مدار عام كامل. وتُعد هذه المبادرة خطوة كبيرة نحو تحسين الصحة النفسية على المدى الطويل، وتخفيف العبء العالمي الناتج عن الاكتئاب واضطرابات القلق.
الهواتف الذكية: من مصدر قلق إلى أداة شفاء
بينما يواجه العالم تحديات متزايدة في مجال الصحة النفسية، توفّر هذه الدراسة بصيص أمل جديد. فالأجهزة التي كانت تُتهم بأنها تزيد من الاضطرابات النفسية، قد تتحول اليوم إلى وسيلة فعالة في علاج الاكتئاب والقلق وتحسين جودة الحياة.
