د. أيمن إمام يكتب: علاقة الطعام بالمزاج وصحتنا النفسية والعقلية

العلاقة بين ما نأكله وحالتنا المزاجية وصحتنا النفسية والعقلية ليست مجرد خرافة، بل حقيقة علمية مؤكدة. فالمخ، مثل أي عضو في الجسم، يحتاج إلى الوقود المناسب ليعمل بكفاءة، وهذا الوقود يأتي مباشرة من الأطعمة التي نستهلكها.
المخ: محرك الجسم
تشكل خلايا المخ نحو 2% من خلايا الجسم، لكنها تستهلك حوالي 20% من طاقة الطعام الذي نتناوله. خلايا المخ هي الأكثر جوعًا في أجسامنا. يمكن تخيله كسيارة فاخرة تحتاج إلى وقود عالي الجودة لتعمل بسلاسة. هذا الوقود هو مزيج من الكربوهيدرات، والدهون الصحية، والبروتينات، والفيتامينات، والمعادن.
عندما نمنح المخ وقوده الصحيح يعمل بكامل طاقته، مما ينعكس على المزاج والقدرة على التفكير. أما إذا اعتمدنا على الأطعمة المصنعة والسكريات، فإننا نعرضه للاختناق، الأمر الذي يؤدي إلى تقلبات مزاجية وضباب في التفكير وربما الاكتئاب.
الناقلات العصبية: رسل السعادة
الناقلات العصبية مواد كيميائية في المخ تعمل كرسل لنقل الإشارات بين الخلايا العصبية، وبعضها أساسي لتنظيم المزاج:
السيروتونين: يُعرف بهرمون السعادة، وانخفاض مستوياته يرتبط بالاكتئاب والقلق. يُصنع من التريبتوفان الموجود في البيض والمكسرات والجبن والبذور.
الدوبامين: مسؤول عن التحفيز ونظام المكافأة في الدماغ. يتوفر عبر البروتينات في اللحوم الخالية من الدهون والدجاج والأسماك والبقوليات.
النورأدرينالين: يعزز اليقظة والتركيز، ويُصنع من نفس الأحماض الأمينية التي ينتج منها الدوبامين.
العلاقة بين الغذاء والصحة النفسية
1. الدهون الصحية: وقود المخ
يتكون المخ أساسًا من الدهون، لذا يحتاج إلى الدهون الصحية، وعلى رأسها أحماض أوميغا-3 الموجودة في الأسماك الدهنية والجوز وبذور الكتان. هذه الدهون تبني أغشية الخلايا العصبية وتقلل الالتهابات وتحسّن التواصل بينها. نقصها يرتبط بالاكتئاب والقلق.
2. الكربوهيدرات: مصدر الطاقة المستدام
الكربوهيدرات المعقدة، مثل الحبوب الكاملة والبقوليات والخضروات النشوية، تُطلق الطاقة تدريجيًا وتحافظ على ثبات سكر الدم، ما يحمي من التقلبات المزاجية. أما الكربوهيدرات المكررة والسكريات فترفع سكر الدم سريعًا، يعقبها انخفاض حاد يؤدي للتعب والتهيج.
3. الفيتامينات والمعادن: عناصر أساسية
فيتامينات B، خاصة B12 والفولات، ضرورية لوظائف الدماغ وإنتاج الناقلات العصبية.
المغنيسيوم: يُعرف بمعدن الاسترخاء، ونقصه يرتبط بالقلق والتوتر.
الحديد: أساسي لنقل الأكسجين إلى الدماغ، ونقصه يسبب التعب والضباب الفكري.
4. الأمعاء: "المخ الثاني"
يعمل "محور الأمعاء-المخ" كقناة اتصال بين الجهاز الهضمي والدماغ. التوتر يؤثر على الأمعاء مسببًا مشكلات هضمية، وصحة الأمعاء تؤثر بدورها على المزاج. فالبكتيريا النافعة تنتج ناقلات عصبية وتساهم في تحسين الحالة النفسية. الأطعمة الغنية بالبروبيوتيك مثل الزبادي والمخللات، والبريبايوتيك مثل الثوم والبصل والموز، تدعم هذا التوازن.
نصائح عملية لتحسين المزاج بالصحة الغذائية
تناول وجبات منتظمة للحفاظ على استقرار سكر الدم.
أضف البروتين والدهون الصحية لكل وجبة.
اختر الكربوهيدرات المعقدة بدلًا من السكريات السريعة.
اشرب كمية كافية من الماء، فجفاف الجسم يؤثر سلبًا على التركيز والمزاج.
قلّل الكافيين، لأنه يسبب التوتر عند الإفراط في تناوله.
خاتمة
تغيير عاداتك الغذائية خطوة فعّالة نحو تحسين صحتك النفسية والعقلية. الغذاء ليس مجرد وقود، بل هو أساس صحتك الجسدية وال
نفسية. والسؤال: هل أنت مستعد لإعادة تقييم علاقتك بالطعام؟