الكاتب الصحفي خيري حسن يكتب: حينما استقبلت أم كلثوم الأبطال.. لقاء السحاب بين «الست» و «ناصر»
![الكاتب الصحفي خيري حسن يكتب: حينما استقبلت أم كلثوم الأبطال.. لقاء السحاب بين «الست» و «ناصر»](https://nabdalkhabar.com/uploads/images/202502/image_870x_67a4efdd52a69.jpg)
سئلت السيدة أم كلثوم عام 1971 - بعد عام من وفاة ناصر - "كيف عرفتِ جمال عبدالناصر"؟ سكتت قليلاً ثم تناولت بعض الأدوية التي كانت بجوارها في صالون منزلها الفسيح على نيل الزمالك، ثم قالت: "كان اللقاء الأول بعد 1948 حين هبّت مصر للذود عن الأرض السليبة".
في تلك الأيام العصيبة كانت الست أم كلثوم - شأن الشعوب العربية - والشعب المصري بالتحديد - تتابع كما قالت: " كنت أتابع أخواتي وأبنائي أبطال الفالوجا يومًا بيوم، وساعة بساعة وقلبي معهم يخفق لهم في كل لحظة إلى أن يردهم إلينا الله سالمين.. والحمد لله قد حدث"!
وبعدما عاد أبطال الفالوجا إلى القاهرة وعلى رأسهم قائدهم البطل المرحوم السيد طه، الذي اشتهر يومئذ باسم "الضبع الأسود" قررت أم كلثوم الاحتفاء والاحتفال بهم. ودعتهم جميعًا - جنودًا وضباطًا - إلى حفلة شاي في بيتها.
تقول أم كلثوم: "وجهت الدعوة كذلك إلى وزير الحربية - حينذاك - لكنه اتصل بي معتذرًا عن عدم استطاعته تلبية الدعوة".. وقال: " ليس هناك ضرورة لدعوة الجنود والضباط أيضًا". ردت أم كلثوم: "أنا وجهت الدعوة لهم وسأكون سعيدة بهذا اللقاء بهم، فإذا شرفتنا بالحضور فأهلًا وسهلًا.. وإذا لم تستطع، فهذا شأنك".. وكان شأنه أنه لم يحضر.
في الموعد المحدد جاء الأبطال واستقبلتهم أم كلثوم بدموع الأخت - والأم المصرية الأصيلة - الفخورة بأبناء وطنها وجلست بينهم - وكأنهم أبناء أسرة واحدة. تقول عن هذه اللحظة: "جلست بينهم وأنا أشعر أنهم أسرتي، بل صميم أسرتي".
وفي حديقة الفيلا أقمت لهم إذاعة صغيرة تذيع عليهم ما يطلبون من أغنياتها ثم تقدم منها الضبع الأسود - السيد طه - بالجنود والضباط فردًا فردًا وهو يحدثها عن بطولات كل جندي فيهم وكان في مقدمة هؤلاء الضابط الشاب جمال عبدالناصر.
أم كلثوم الآن تقف في مقدمة الصفوف وفي الخلفية صوتها عبر الإذاعة الداخلية يشدو بإحدى أغنياتها وأمامها الضابط الشاب جمال عبدالناصر، الذى اقترب منها وسلم عليها وهو يبتسم. تقول أم كلثوم: "وهو يُسلم عليَّ شددت على يده وأنا أصافحه، ووقفت أتأمل ما يتألق في عينيه من بريق الوطنية، ووحدة العزم، وعمق الإيمان.. وكان هذا هو اللقاء الأول بيني وبين جمال عبدالناصر ثم توالت بعد ذلك اللقاءات حتى رحيله".
وتكمل قولها قائلة: "التقيت جمال عبدالناصر بعد ذلك عشرات المرات، في مختلف المناسبات وكان لا يفوته في كل حفلة أُغني بها ويشهدها في نادي الضباط أو جامعة القاهرة أو غيرهما أن يدعوني في أثناء الاستراحة وتدور بيننا أحاديث طويلة عن الفن.. كان محباً للفن".. وفي كل مرة كنت لا أنسى ذكريات اللقاء الأول بيننا في الحفلة التي كانت في بيتي.. وأذكر - وهو يذكر - ذلك اللقاء مع أبطال الفالوجا من رجال الجيش المصري البواسل".
كانت أيام عنوانها: "عظمة على عظمة على عظمة...يا ست"
•• الأحداث حقيقية والسيناريو من خيال الكاتب.
المصدر:
مجلة الهلال - عدد أكتوبر - 1971