الدكتور مجدي كامل الهواري يكتب: هل الصين جاهزة لمواجهة رسوم ترامب
في خطوة مفاجئة أعادت للأذهان أجواء الحرب التجارية التي هزّت الاقتصاد العالمي قبل سنوات، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي عاد إلى البيت الأبيض لولاية ثانية، عن فرض رسوم جمركية جديدة على الواردات الصينية، وصلت إلى نسبة 125%، في واحدة من أكثر الإجراءات الاقتصادية عدوانية في تاريخه السياسي.
القرار لم يمر مرور الكرام، حيث ردّت بكين سريعًا بزيادة الرسوم على المنتجات الأمريكية إلى 84%، إلى جانب توسيع قائمة الشركات الأمريكية «غير الموثوقة»، وهو ما ينذر بتصعيد حاد في العلاقات التجارية بين أكبر اقتصادين في العالم.
- استعداد صيني مسبق ، ولكن !
الصين، التي عانت كثيرًا من الرسوم الجمركية خلال ولاية ترامب الأولى، كانت قد بدأت بالفعل في اتخاذ خطوات تحصينية منذ سنوات. شملت هذه الخطوات توقيع اتفاقيات تجارية كبرى، أبرزها «الشراكة الاقتصادية الإقليمية الشاملة» (RCEP)، بالإضافة إلى ضخ استثمارات ضخمة في قطاع التكنولوجيا والاعتماد المتزايد على السوق المحلي.
لكن بالرغم من هذه الإجراءات، تظل السوق الأمريكية أحد أكبر أسواق التصدير للسلع الصينية، ما يعني أن أية قيود جديدة سيكون لها تأثير سلبي لا يمكن تجاهله على الاقتصاد الصيني، خاصة في ظل تباطؤ النمو ومشاكل قطاع العقارات.
- ارتدادات عنيفة على الطرفين
قرارات ترامب لم تُصِب الصين وحدها، بل كانت لها ارتدادات فورية على الاقتصاد الأمريكي. شهدت مؤشرات البورصة مثل داو جونز وناسداك تراجعًا واضحًا، كما أقدمت شركات كبرى مثل و وول مارت و دلتا إيرلاينز على سحب توقعاتها المستقبلية، متعلله بحالة «عدم يقين» في بيئة الأعمال.
حتى قطاع الأدوية لم يسلم، بعدما تسببت خطط فرض رسوم على المنتجات الصيدلانية في تراجع أسهم شركات مثل فايزر وميرك، وسط مخاوف من تأثر سلاسل التوريد وأسعار الأدوية.
- الصين بين الردع والتصعيد
بحسب محللين، فإن بكين لن تتسرع في اتخاذ خطوات تصعيدية واسعة النطاق، لكنها سترد بشكل مدروس، عبر فرض رسوم انتقامية محددة، وتقييد دخول الشركات الأمريكية إلى السوق الصيني، مع مواصلة بناء نفوذها الاقتصادي في دول الجنوب العالمي.
و يبدو أن العالم بصدد مواجهة جديدة بين واشنطن وبكين، وقد تكون هذه المرة أكثر حدة وأوسع نطاقًا. فهل تكون الصين مستعدة للمواجهة؟ أم أن الأضرار ستكون متبادلة بحجم يصعب تحمّله؟ سوف ننتظر و نرى ماذا تكشف عنه الاحداث القادمه
