داليا أحمد حسين تكتب: طُهر غبار يحمي في سبيل الله سبحانه وتعالى.. جنود مصر

Oct 26, 2025 - 06:57
داليا أحمد حسين تكتب: طُهر غبار يحمي في سبيل الله سبحانه وتعالى.. جنود مصر

الغبار الذي ينتشر عند خطو الجنود على الأرض بينما هم يسيرون ويتحركون لحماية أرضهم وحماية أفرادها وكل الذي لهم، ولحماية دينها وحوزته، وحماية ما على هذه الأرض من موارد ونعم جعلها الله سبحانه وتعالى مسخرة للإنسان لكي يطيع الله جل وعلا فيها ويستفيد منها فيعيش منها ومن مخرجاتها؛ هذا الغبار هو جزء من ذاك الغبار الذي يغبر في سبيل الله سبحانه وتعالى.. ولم لا! وقد أغبر لكي يحفظ ويحمي، ولكي يمنع أي تعدي وأي تجاوز أو إنحراف عن الصواب.. عبادة لله سبحانه وتعالى وإيمانا به جل وعلا ويقين فيما لديه من خيرات لجنده الذين يحفظون اسمه وكلمته. وبالتالي فهذا العمل يمهد الطريق لحياة أكثر استقرارا وأمانا يمكن من خلالها للفرد أن يقوم بمسئولياته وواجباته نحو ربه، ونحو نفسه ونحو غيره، ونحو مجتمعه وأرضه وسماءه.

ولعل هذا المعنى فيما جاءنا في قول رسول الله صلى الله عليه وسلم لكي يعلمنا ويهدينا ويُقّر عقولنا: (ما اغْبَرَّتْ قَدَما عَبْدٍ في سَبيلِ اللَّهِ فَتَمَسَّهُ النَّارُ). (صحيح البخاري)... إنه ذلك الطُهر في غبار الأرض التي تحمل فوقها الجندي المقاتل، والجندي الحارس، والجندي المخطط، والجندي المنفذ، والجندي المتابع والمراقب، والجندي المُطوِّر... فما بالنا إذا كان هذا الجندي هو الجندي المصري خير أجناد الأرض الذي شرفنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله: (إذا فتح الله عليكم مصر بعدي، فاتخذوا فيها جنداً كثيفاً، فذلك الجند خير أجناد الأرض، قال أبو بكر: ولم ذاك يا رسول الله؟ قال: إنهم في رباط إلى يوم القيامة).

هذا الغبار الطاهر الذي لا يتلوث لطالما استعان بالله سبحانه وتعالى، وسعى لإرضاءه جل وعلا، نراه لدى جنود صدقوا ما عاهدوا الله عليه... جنود مصر الشرفاء. وكيف لا! وقد تتابع التاريخ على مصرنا وأثبت الجنود المصريون صدق عهدهم مع الله سبحانه وتعالى حفظا لوطنهم ودينهم وشعبهم... أرضا وبحرا وجوا وفضاءا.

وعودة لما جاء في الموسوعة الفقهية حول معنى في سبيل في العام وفي الخاص؛ ففي العام يقع على كل ما أمر الله سبحانه وتعالى به من خير، وعلى كل عمل خالص لله سبحانه وتعالى، يسلك به الفرد طريق التقرب إلى الله سبحانه وتعالى عن طريق أداء الفرائض والنوافل وأنواع التطوعات، وفي الخاص يقصد به غالبا الجهاد.

وإذا ما أردنا تطبيق نفس المبدأ في الحياة في سبيل الله في الطاعة، وفي الجهاد مع النفس، نجد قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أفضل المؤمنين إسلاما من سلم المسلمون من لسانه ويده، وأفضل المؤمنين إيمانا أحسنهم خلقا؛ وأفضل المهاجرين من هجر ما نهى الله تعالى عنه، وأفضل الجهاد من جاهد نفسه في ذات الله عز و جل)..... إنه ذلك الجهاد الذي يمنع ويوجه الفرد إلى ضبط لسانه وكلماته فلا يتلفظ بلفظ غير مناسب، وإلى ضبط أفعاله وحركاته فلا يفعل ولا يتحرك بشكل غير مناسب، وإلى ضبط فكره فيكون فكره منضبط مستقيم متفتح واعي وماهر، وليكون كل ذلك في سبيل إرضاء الله سبحانه وتعالى وطاعته وحفظ نفسه ومجتمعه... فالله جل وعلا سوف يرضى إذا وجدنا نعبده وحده لا شريك له مجتمعين متماسكين كالوحدة الواحدة، وفي هذا نكون ساعين إلى بناء أنفسنا وأرضنا وأبنيتنا حافظين لها ولنعم الله سبحانه وتعالى علينا فيها، شاكرين لأنعم الله جل وعلا فيها بما يناسبها من أعمال الشكر.

وعن معاذ بن جبل قال النبي صلى الله عليه وسلم: (والذي نفسي بيده ما تغبرت قدما عبد قط ولا وجهه في شيء أفضل عند الله بعد الصلاة المفروضة من الجهاد في سبيل الله عز وجل). وقد فسره أحد العلماء أنه بناءا على ذلك، فأعظم مشوار تذهب إليه وتغبر فيه قدماك أيضا بعد إدراك الصلاة مع الإمام في جماعة هو الجهاد في سبيل الله عز وجل.

ولعلنا نختتم بما جاء في شرح صحيح مسلم، لأبو الأشبال حسن المصري، بأن الله سبحانه وتعالى قد أعز هذا الدين برجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه، وأظهروا أروع المواقف البطولية في التاريخ، فحقق الله لهم النصر والتمكين، مع ما لهم يوم القيامة من أجور جارية ورزق كريم، وكرامات أكرمهم الله وميزهم بها على سائر المؤمنين.