محمد السنوسي: الكتابة أنقذتني وكانت نافذتي لشفاء القلب والروح

يوليو 23, 2025 - 07:22
محمد السنوسي: الكتابة أنقذتني وكانت نافذتي لشفاء القلب والروح

حوار: ياسمين مجدي عبده

محمد السنوسي، كاتب يتميز بنبرة خاصة، بدأ رحلته مع القراءة في سن مبكرة، وتحوّلت شغفه بالكتب إلى قلم يعبّر عن الأفكار والمشاعر بصدق وعمق. في هذا الحوار، يحدثنا السنوسي عن بداياته، وتحدياته، وطقوسه الإبداعية، ويكشف عن مشاريعه المقبلة، ونظرته للكتابة والنشر والنقد.

في البداية، كيف تعرّفنا على بدايات محمد السنوسي مع الكتابة؟

أعتقد أن بدايتي ليست استثنائية، بل شبيهة ببدايات كثير من الكتّاب الذين نشأوا في بيئة تقدّر القراءة. أتذكر أن والدي كان يقرأ لي كتبًا مثل كليلة ودمنة ونوادر البخلاء وأنا لا أزال في المرحلة الإعدادية. كنا جيلًا محظوظًا، فالقراءة كانت وسيلة الترفيه الأيسر والأكثر توفّرًا من خلال المكتبات العامة والمجلات والألغاز البوليسية.

هل كانت الكتابة جزءًا من عاداتك منذ الطفولة، أم أنها ظهرت لاحقًا؟

القراءة سبقت كل شيء. ومن رحمها وُلدت الرغبة في المعرفة، وطرح الأسئلة، ثم جاءت الحاجة إلى التعبير عن المشاعر والأفكار والواقع المحيط، فكانت الكتابة هي الوسيلة الأصدق.

من كان الداعم الأول لمسيرتك الأدبية؟

الأسرة دون شك. دعمتني، قرأت لي، وناقشتني في ما أكتب. لهذا، لها الفضل الأول في تشجيعي والاستمرار في هذا الطريق.

ما أصعب لحظة مررت بها ككاتب؟ وكيف تجاوزتها؟

أصعب اللحظات هي تلك التي يهاجمك فيها الشك... الشك في الموهبة، ثم في القيمة والتأثير. أبدأ الكتابة متحمسًا، وأسمع في داخلي صوتًا يقول: "هذا رائع!"، وبعد قليل يأتي صوت آخر يسألني: "من قال إنك كاتب؟". وقبل النشر، يراودني سؤال مؤرق: "ما جدوى ما كتبت؟".

بعيدًا عن القراءة والكتابة، كيف تقضي وقتك؟ هل لديك هوايات أخرى؟

بالتأكيد. أحرص على التنويع في أنشطتي، وأجد متعة خاصة في مشاهدة السينما ومتابعة كرة القدم.

كيف تختار موضوعات أعمالك الأدبية؟

لا توجد طريقة محددة. أحيانًا تقتحمك شخصية، وأحيانًا أخرى فكرة أو عاطفة أو حادثة تاريخية تفرض نفسها، وتدفعك للكتابة.

ما أبرز التحديات التي تواجه النشر الورقي في رأيك؟

النشر الورقي يواجه تحديات معقدة، منها ما هو اقتصادي كتكاليف الطباعة والتوزيع، ومنها ما يتعلق بضغوط السوق أو القيود المفروضة على دور النشر. لكن تبقى أكبر معضلة هي العلاقة بين الكتاب وسهولة وصوله إلى القارئ.

هل ترى أن الكتابة مجرد وسيلة للتعبير، أم أنها تحمل رسائل أعمق؟

الكتابة تبدأ وسيلةً للتعبير، لكنها لا تلبث أن تتحول إلى جسر لنقل الرسائل الإنسانية والاجتماعية. لا أؤمن بفصل الكتابة عن محيطها، بل أراها أداة تواصل مع العالم.

ما رأيك في ظاهرة "الكتب الجامعة" التي تضم أكثر من كاتب؟

هي مفيدة، خاصة في بدايات المسيرة، لأنها تمنح الكاتب فرصة لسماع صدى صوته، ومعرفة ردود أفعال القراء. كما أنها فرصة للتواجد على الساحة في ظل صعوبة النشر المستقل.

حدثنا عن أعمالك السابقة ومشروعاتك القادمة.

أصدرت ثلاث روايات حتى الآن: رماد الصبار، خبز الرب، ولا شيء يحدث يوم الجمعة. وأعمل حاليًا على رواية جديدة تنتمي إلى أدب الجريمة، وآمل أن تكون جاهزة في معرض القاهرة الدولي للكتاب المقبل.

كيف تتعامل مع النقد، سواء من النقاد المتخصصين أو من القراء؟

أفرق دائمًا بين النقد الفني والانطباعات. إذا تلقيت ملاحظات من ناقد متخصص أو كاتب زميل، أحرص على النقاش لفهم وجهة النظر. أما آراء القراء على "جودريدز" أو "فيسبوك"، فأراها تعبيرًا عن تفاعل حر مع النص، ولا أتدخل فيها، لأنني أؤمن بمبدأ "موت المؤلف" بعد النشر.

هل مررت بلحظة فشل تحولت إلى نجاح؟

لا أحب تسميتها فشلًا، بل أراها تحديات كبرى تكشف للإنسان عن قدراته الحقيقية. لحظات تصوّرها في البداية على أنها نهاية، لكنها في الواقع بدايات جديدة لاكتشاف الذات.

هل تعتبر الكتابة وسيلة علاج نفسي للكاتب؟

بلا أدنى شك. لقد كانت الكتابة طوق نجاة في محطات حياتي، ونافذتي الآمنة للبوح والشفاء.

في رأيك، لماذا تراجع الأدب الرومانسي أمام أدب الرعب والفانتازيا؟ وهل يمكن أن يظهر "فارس رومانسي" جديد؟

لا أظن أن الأدب العاطفي اختفى، بل تراجع حضوره كمحور رئيسي. حتى في الروايات المصنفة كـ"رعب" أو "خيال"، تجد دائمًا حبكة فرعية عاطفية. فالرومانسية هي العمود الذي يستند عليه السرد في كثير من الأحيان.

ما النصيحة التي توجهها لمن ينوي الدخول في مجال الرواية؟

أقول له: لا تتوقع طريقًا مفروشًا بالورود. ستكون رحلتك الأولى شاقة كقشرة جوز الهند، لكنها ستكافئك بأطيب ثمار. ستواجه نفسك أولًا، وستقاوم الرغبة في الانسحاب. ثم ستكتشف من يحاول أن يثنيك عن الاستمرار. لذلك، إمّا أن تصمد وتكمل الطريق، أو لا تبدأ من الأساس.

وأخيرًا، كيف تقيّم هذا الحوار؟

سعدت به كثيرًا. كان حوارًا شاملًا، تناول زوايا مهمّة تهم الكتّاب والمهتمين بحقل الكتابة، وابتعد عن السطحية وا

لضجيج الإعلامي، فشكرًا لكم على هذا الجهد المحترم.