بين الحرف والنغم... محمد شنيب يحكي حكايته

يوليو 23, 2025 - 07:27
بين الحرف والنغم... محمد شنيب يحكي حكايته

حوار: ياسمين مجدي عبده

محمد شنيب... صوتٌ من ليبيا يحمل بين نبراته موهبةً متفرّدة، تتوزع بين الكتابة، والتقديم التلفزيوني، والإنشاد، ليشكّل حالة فنية وأدبية قلّما تتكرر. ورغم بدايته المتأخرة، استطاع أن يلفت الأنظار إلى اسمه بثقة وهدوء، مدفوعًا بشغف داخلي، وإيمانٍ عميق بما يقدمه.

في هذا الحوار نفتح معه نوافذ التجربة، لنقترب من بداياته، وتحدياته، وكيف جمَع بين عوالم الإبداع المختلفة دون أن يفقد صوته الخاص...

■ لو أردنا التعرف عليك... كيف تصف بداياتك؟

أنا محمد شنيب، من مواليد مدينة درنة الليبية، كاتب ومؤلف ومقدم برامج ومعلق صوتي ومنشد.

بدايتي كانت متأخرة نسبيًا؛ بدأت قبل عامين فقط، سواء في الجانب الإعلامي أو الأدبي أو الفني. لم أكن مهتمًا بهذه المجالات من قبل، ولم أكتشف موهبتي في وقت مبكر، ربما لغياب الشخصيات الملهمة في محيطي، أو لعدم وجود من يوجّهني أو يدفعني نحو الاكتشاف.

لكنني لطالما شعرت بانجذابي للكلمة، وللتأثير عبر الصوت والتعبير الإبداعي. تجربتي لم تكن قفزة واحدة، بل تراكم لتجارب صغيرة شكّلت شخصيتي.

■ هل كانت الكتابة جزءًا من حياتك منذ الطفولة؟

لم تكن كذلك. لم أكن أكتب أو أهتم بالكتابة في صغري، لكن خلال العامين الماضيين بدأت أتوجه نحو هذا المجال.

كتبت برامج ومقالات، ثم أصدرت أول كتاب لي بعنوان "الطوفان". ومع الوقت، تحوّلت الكتابة من مجرد هواية إلى وسيلة للتعبير عن الذات، ومن ثم إلى رسالة أود إيصالها.

الكتابة أصبحت طريقة لترتيب أفكاري، واستكشاف ذاتي، والتواصل مع الآخرين بعمق أكبر.

■ من كان أول من دعمك في مشوارك؟

بصراحة، لم أحظَ بدعم مباشر في بدايتي. لكنني كنت أعتمد على نفسي وأؤمن بموهبتي.

■ كيف بدأت رحلتك مع تقديم البرامج؟

لم يكن لدي نية لدخول الإعلام، لكنني كنت دائمًا مهتمًا بفن الإلقاء والتأثير.

حين جاءتني فرصة لتقديم برنامج وتم اختياري بناءً على قدرتي في الحديث، لم أتردد.

نجحت التجربة، وتوالت بعدها فرص عديدة، حيث تم اختياري من بين 70 مشاركًا لتقديم برنامج لأحد مراكز الأبحاث، وحصلت على المركز الثاني كأفضل متحدث على مستوى الوطن العربي، وهذا ما دفعني للمواصلة والاستمرار بعد استشارة كبار الإعلاميين.

■ ما أصعب ما واجهته في مجال التقديم؟

لم أواجه صعوبات حقيقية، بل على العكس، أجد راحة ومتعة أثناء التقديم. التحدي الحقيقي يكمن في طرح أفكار جديدة وكتابة الحلقات بأسلوب مؤثر.

■ كيف توفق بين الكتابة والإنشاد والتقديم؟

التوفيق ليس سهلًا، لكنه ممكن حين يكون هناك تنظيم ورؤية واضحة.

كل مجال من هذه المجالات يغذّي الآخر: الكتابة تُثري الإنشاد، والإنشاد يُقوّي الأداء الصوتي، والتقديم يُنمّي مهارات التواصل.

أما وقت الفراغ فهو مهم لإعادة الشحن الذهني والروحي.

■ كيف تختار مواضيع أعمالك؟

أختار المواضيع التي تمس الإنسان من الداخل، وتخاطب وجدانه ومشاعره. أبحث دائمًا عن قضايا واقعية، أو نقاط تؤثر فينا فكريًا وروحيًا.

■ ما هي أبرز معوقات النشر الورقي؟

رغم أنني لم أواجه صعوبات كبيرة، فإن أبرز المعوقات عمومًا هي:

التكاليف المرتفعة.

ضعف التوزيع.

غياب الابتكار الأدبي وتكرار الطروحات.

تحفّظ بعض دور النشر تجاه الكتّاب الجدد.

لكن إذا كان العمل قويًا وتم تسويقه باحترافية، فإن انتشاره سيكون حتميًا.

■ هل تعتبر الكتابة وسيلة للتعبير أم لنقل رسالة؟

كلاهما.

أكتب لأفهم نفسي وأرتب أفكاري، وأكتب لأوصل رسائل قد تُغيّر قارئًا لا أعرفه.

الكتابة هي لغة الروح ووسيلة لتجاوز السطحيات، وبناء جسر مع الآخر.

■ هل لديك أعمال قادمة؟

نعم، أعمل حاليًا على أفكار جديدة في مختلف المجالات، وأسعى لأن تكون نقلة نوعية في مشواري، مع التركيز على الطرح الواقعي والمعاصر.

■ كيف تتعامل مع النقد؟

أرحب بالنقد البنّاء، وأتعلم منه دائمًا.

أفرّق بين النقد المفيد والانتقاد السلبي، ولا أسمح للنقد أن يهز ثقتي، بل أجعله محفّزًا لتحسين أدائي.

■ حدثنا عن لحظة فشل حوّلتها إلى نجاح؟

لا أؤمن بالفشل، بل أراه فرصة للتعلّم.

واجهت العديد من العقبات، خاصة في بداية مشواري، لكنني اعتبرتها محطات صقل، واليوم، أشعر بأن الأمور تسير بثقة واستقرار.

■ هل ترى في الكتابة والإنشاد وسيلة للعلاج النفسي؟

بالتأكيد.

هما ملجأ من ضغوط الحياة. الإنشاد يُطهّر الروح، والكتابة تُخفّف العبء الداخلي.

كل حرف ونغمة تحمل نوعًا من التداوي، لي ولمن يتلقى هذا الفن.

■ ما تفسيرك لتراجع الأدب الرومانسي أمام أدب الرعب والفانتازيا؟

ربما لأن العصر نفسه صار مخيفًا، فانجذب الناس لأدب يُحاكي هذا الواقع.

لكنني أؤمن أن الأدب لا يختفي، بل يتغير ويتقلب حسب الحالة العامة للمجتمع.

■ ما نصيحتك لمن ينوي الدخول في مجال الكتابة أو الإنشاد؟

ابدأ بقلبك، لا تتصنع، وكن صادقًا.

لا تتسرّع، ولا تكتب لأجل الشهرة بل لأجل التأثير.

استثمر في موهبتك، وتمرّن، واستمع كثيرًا وتعلّم من تجاربك، حتى من الألم.