قراءة نقدية لرواية أحلام لا تموت للدكتور ماجد عبدالله
بقلم الاديب مدحت مطر
بيانات الرواية:
العنوان: أحلام لا تموت
الكاتب: د. ماجد عبدالله
الناشر: منتدى الأدب الحر للنشر والتوزيع – القاهرة
سنة الإصدار: 2025
عدد الصفحات: 195 صفحة من القطع المتوسط
"في زمنٍ تُختطف فيه الأحلام قبل أن تولد، كانت هي الحلم الذي قاوم..."
بهذه العبارة الافتتاحية تضعنا رواية «أحلام لا تموت» في فضاءٍ إنسانيّ تتشابك فيه الذاكرة بالحنين، والوجع بالأمل، لتقدّم تجربة روائية تتجاوز حدود الحكاية العاطفية إلى تأملٍ في معنى البقاء ذاته.
إنها ليست قصة حبٍّ تقليدية بين رجلٍ وامرأة، بل سيرة روحٍ تبحث عن شفاءٍ عبر الحلم والكتابة.
امرأة تكتب لتشفى
بطلة الرواية، أحلام، ليست شخصية من ورق، بل كيان ينبض بالحياة والخذلان.
طفولتها جُرحت بحادثةٍ مؤلمة، وزواجها كان قيدًا ثقيلًا، وغربتها الطويلة جعلتها غريبة حتى عن نفسها.
لكنها لم تستسلم عادت إلى الوطن تحمل في قلبها رماد سنواتٍ من الصمت، لتكتب من خلاله معنى الحياة من جديد.
أحلام هي صوت المرأة التي قررت أن تُعيد اختراع ذاتها بالحلم، لا بالبكاء.
رجلٌ يكتب ليجد نفسه
في المقابل، يقف الدكتور سمير سامي، أستاذ الأدب العربي، بوصفه المرآة الذكورية لذلك الجرح الأنثوي.
رجلٌ مثقف، متزوج، يختنق بين الواجب والمشاعر، حتى يلتقي بأحلام في لحظةٍ تعيد إليه إيمانه بالحياة.
تتحوّل العلاقة بينهما من إعجابٍ عابر إلى تلاقٍ روحيّ نادر، فيه يُشفى كلٌّ منهما بوجود الآخر، دون أن يغادرا حدود الواقع.
إنها علاقة لا تُلغي الأخلاق، بل تعيد تعريفها، وتمنحها بعدًا إنسانيًا راقيًا.
اللغة... شعرٌ يُروى نثرًا
لغة الرواية هي بطلها الثالث.
نثرٌ يتنفس الشعر، وجملٌ مشبعة بالصور والظلال:
"تساقطت زخات المطر كأن السماء تبكي شيئاً لا يُقال..."
بهذا الحسّ المرهف، تتحول اللغة إلى كائنٍ حيٍّ يشارك الشخصيات أنفاسها.
الكاتب يجيد الموازنة بين العمق الشعري والصدق الواقعي، فتأتي الجمل ناعمة الإيقاع، عميقة الأثر، قريبة من القلب.
رموز ودلالات
الرواية تفيض بالرموز التي تتسلل برشاقة إلى الوعي:
المطر: رمز التطهر والانبعاث الجديد.
النيل: مرآة للروح والوطن معًا.
الوردة البيضاء: علامة النقاء والصدق في زمنٍ ملوث.
الصمت: اللغة الموازية التي تقول ما لا يُقال.
كل رمزٍ في الرواية يولد من الموقف، لا يُفرض عليه، مما يجعلها رواية رمزية بلا تصنّع، وإنسانية بلا ميلودراما.
الكتابة كخلاص
حين تكتب أحلام، لا تمارس الأدب، بل تُمارس النجاة.
"أكتب كي لا أنام في ظلمة الذاكرة، أكتب لأن الصمت يوجع أكثر من البكاء."
بهذه العبارة تختصر الرواية فلسفتها: أن الكتابة هي الطريق إلى الحياة، وأن الحلم الذي يُروى بالحبر لا يموت أبدًا.
ومن خلال ذلك، تتحول الرواية إلى تجربة شفاء إنساني عميقة، تُعيد إلى القارئ ثقته في الكلمة.
أثر الرواية في القارئ
لا تكتفي أحلام لا تموت بأن تُقرأ؛ إنها تُعاش.
القارئ يخرج منها مثقلًا بشيءٍ من الحنين، لكنه أيضًا أكثر تصالحًا مع جراحه.
إنها رواية تُذكّرك بأن في داخلك حلمًا مؤجلًا لا يزال حيًّا، ينتظر فقط أن تؤمن به من جديد.
> "ليس الحب وعدًا، بل حيلة الروح كي تظلّ على قيد الحياة."
بهذه العبارة يختتم العمل روحه، فيتركك على حافة التأمل والسكينة.
التقييم النقدي
البنية السردية: 9 / 10
اللغة والأسلوب: 10 / 10
عمق الشخصيات: 9.5 / 10
الرمزية والبُعد النفسي: 9 / 10
الأثر الوجداني العام: 9.5 / 10
???? التقدير الإجمالي: 9.4 / 10
«أحلام لا تموت» رواية عن امرأةٍ تنبعث من رمادها، وعن رجلٍ يكتشف نفسه في صمتها، وعن إنسانٍ يواجه العالم بالحلم لا بالسلاح.
إنها ببساطة، قصيدة طويلة في شكل رواية، عن الحلم الذي لا يموت.