د. أيمن إمام يكتب: نمط الحياة الصحي.. الطريق إلى الوقاية وتعزيز الصحة العامة

يُعد نمط الحياة الصحي حجر الأساس في تعزيز الصحة والوقاية من الأمراض المزمنة. ووفقًا لمنظمة الصحة العالمية، فإن ما يزيد عن ٧٠% من العبء العالمي للأمراض غير السارية مثل السكري، وأمراض القلب، والسرطان، يرتبط بعوامل خطر يمكن تعديلها عبر أنماط الحياة (منظمة الصحة العالمية، ٢٠٢١). وبالتالي، فإن تبني سلوكيات صحية يمثل استراتيجية فعّالة للوقاية وتحسين جودة الحياة.
ونظرًا لأهمية نمط الحياة الصحي، فقد أصبح أحد التخصصات الطبية. وقد نشأ تخصص طب نمط الحياة في الولايات المتحدة الأمريكية عام ٢٠٠٤ بقيادة الجمعية الأمريكية لطب نمط الحياة. ويُعرف طب نمط الحياة بأنه تخصص طبي يعتمد على تدخلات علاجية في نمط الحياة كطريقة أساسية لعلاج الأمراض المزمنة، بما في ذلك – على سبيل المثال لا الحصر – أمراض القلب والأوعية الدموية، وداء السكري من النوع الثاني، والسمنة (الكلية الأمريكية لطب نمط الحياة).
ويركز طب نمط الحياة على استخدام الأدلة العلمية لتعديل سلوكيات وعادات الأفراد في مجالات الغذاء، والنشاط البدني، وإدارة التوتر، والنوم، والعلاقات الاجتماعية؛ لمنع الأمراض المزمنة، وعكس مسارها، وتعزيز الصحة العامة.
العناصر الرئيسية لنمط الحياة الصحي
١. التغذية المتوازنة
تُظهر الدراسات أن النظام الغذائي المتوازن يقلل من خطر الأمراض المزمنة بنسبة تصل إلى ٣٠%.
الخضروات والفواكه: غنية بمضادات الأكسدة والألياف التي تحمي من السرطان وأمراض القلب.
الحبوب الكاملة: تقلل من خطر السكري من النوع الثاني وأمراض القلب.
البروتينات الصحية: مثل الأسماك والبقوليات، تقلل الالتهابات وتعزز صحة العضلات.
الدهون الصحية: خصوصًا الأحماض الدهنية غير المشبعة (أوميغا-3) التي تقي من أمراض القلب.
التوصيات: تقليل استهلاك السكريات المضافة (<١٠% من إجمالي السعرات الحرارية)، والملح (<٥ غرام يوميًا)، والدهون المشبعة (<١٠% من السعرات – منظمة الصحة العالمية، ٢٠٢٠).
٢. النشاط البدني
تشير الأدلة إلى أن ممارسة النشاط البدني المنتظم يقلل الوفيات المبكرة بنسبة ٢٠–٣٠%.
توصي منظمة الصحة العالمية بممارسة ١٥٠–٣٠٠ دقيقة من النشاط المعتدل أسبوعيًا للبالغين.
النشاط البدني يحسن صحة القلب، يحافظ على الوزن، ويعزز وظائف الدماغ.
أمثلة: المشي السريع، ركوب الدراجة، السباحة، وتمارين المقاومة.
٣. النوم الجيد
النوم عنصر أساسي في الصحة الجسدية والعقلية.
الحرمان من النوم يرتبط بزيادة خطر السمنة بنسبة ٤٥% والسكري بنسبة ٣٠%.
يحتاج البالغون بين ٧–٩ ساعات من النوم يوميًا.
اضطرابات النوم المزمنة تزيد خطر الاكتئاب وأمراض القلب.
استراتيجيات تحسين النوم: الالتزام بجدول ثابت، تقليل الكافيين، وتجنب الشاشات قبل النوم.
٤. الصحة النفسية وإدارة التوتر
الصحة النفسية لا تقل أهمية عن الصحة الجسدية.
تشير الأبحاث إلى أن التوتر المزمن يزيد من خطر الإصابة بأمراض القلب بنسبة ٥٠%.
تقنيات مثل التأمل وتمارين التنفس تقلل مستويات الكورتيزول وبالتالي التوتر.
العلاج النفسي عند الحاجة يُعد جزءًا أساسيًا من الرعاية المتكاملة.
٥. تجنب العادات الضارة
التدخين: مسؤول عن أكثر من ٨ ملايين وفاة سنويًا (منظمة الصحة العالمية، ٢٠٢١).
الكحول: يزيد من خطر السرطان وأمراض الكبد.
الخمول البدني والجلوس الطويل: يرفع خطر الوفيات بنسبة ٢٠–٣٠%.
٦. الترابط والدعم الاجتماعي
تعزيز العلاقات الاجتماعية، وبناء الروابط الداعمة، مرتبط بطول العمر وتحسن المناعة.
في الختام
في عالم مليء بالإغراءات والخيارات غير الصحية، قد يبدو الحفاظ على نمط حياة صحي أمرًا صعبًا، إلا أن إعطاء الأولوية للصحة ليس رفاهية بل ضرورة.
إن نمط الحياة الصحي يمثل إطارًا وقائيًا وعلاجيًا في آن واحد. فاعتماد التغذية السليمة، والنشاط البدني المنتظم، والنوم الجيد، والصحة النفسية المتوازنة، وتجنب العادات الضارة يؤدي إلى تقليل العبء المرضي وتحسين جودة الحياة.
ابدأ بإدخال تغييرات صغيرة وقابلة للتطبيق على عاداتك اليومية بدلًا من محاولة إعادة تشكيل نمط حياتك بأكمله في يوم واحد.
صحتك وجودة حياتك تستحق… ابدأ الآن.