مصطفى صلاح يكتب: بلاغ إلى نقيب السينمائيين: أوقفوا عبث إبراهيم عبد العزيز فورًا!

ليست الحكاية عن فيلم، ولا عن عرضٍ خاصٍّ أقيم أو لم يُقم، بل عن ظلٍ يتسلّل إلى قلب المهنة، يجثم على صدرها، ويغلق بابها في وجه من يمسك القلم، لا الكاميرا، في وجه من يحفظ للمهنة تاريخها، ويؤمن أن الكتابة جزء من شرف الوجود.
في البدء، لم يكن اسمه ظاهرًا. يمر خفيفًا، لا يُلتفت إليه، لا يحفظه أحد، كمن لا يُدعى في المجالس. ثم فجأة، أصبح اسمًا يتردد، لا لفضلٍ، بل لسلطة مُدّعاة، لا لجهدٍ، بل لإقصاءٍ متكرر، لا لصنعة، بل لمهزلة تتكرر باسم "التنظيم". إبراهيم عبد العزيز، لا أعلم له سيرة، ولا أذكر له أثرًا، ولا أعرف له موقفًا يليق. لكنه هنا، على الباب، يمسك الدفتر، يقرأ أسماءه الخاصة، ثم يُغلق الصفحات، ويقول بلا نُبل: "القائمة اكتملت".
القائمة لم تكتمل. الذي اكتمل هو مشهد السخرية. الذي تكوَّن هو وجه الفوضى حين يتسلّل إلى دار العرض ويتخفى في ثوب المنسق والمنظم والعارف. والحقيقة أنه لا يعرف من العرض إلا صورته، ولا من السينما إلا لقطتها الأولى، ولا من الصحافة إلا صدّها. يختار من يدخل، لا بحسب ما كتب، بل بحسب من صافح ومن همس ومن اقترب. ويُقصي من لا يعرف، وإن عرفه كل من قرأ، وكل من تابع، وكل من سكن حقل الكلمة بجدارة.
في الماضي، كانت المهنة كالجسر، تعبر منه الحقيقة، تقف عليه الأقلام، وتحرسه الضمائر. واليوم، تتحوّل العروض إلى عزبة ضيقة، إلى وليمة لا يدعى إليها إلا "المحسوبين"، وكأنها مغانم، لا نافذة للفن. وكلما جاء عرض، جاء معه السؤال ذاته: من قرر؟ من أغلق الباب؟ من سحب الدعوة من يد الصحفي وأعطاها لمن لا يكتب؟ الجواب يتكرر، يتسلّل كوشوشة خافتة، ثم يصير تصريحًا متغطرسًا: إبراهيم عبد العزيز.
ليس عيبًا أن تنظم، لكن العيب كل العيب أن تقطع الطريق. ليس عيبًا أن تختار، لكن العار كل العار أن تُقصي من له اسم وتاريخ وعرق، وتُكرِّم من لا يعرف ما معنى المقال ولا من أين يُؤتى الضوء للسينما.
هنا، لا بدّ من كلمة تُقال، لا هجومًا فقط، بل إنذارًا.
أيها النقيب مسعد فودة، إننا لا نناشد، بل نحمّلك المسؤولية.
ما يحدث في العروض الخاصة لا يشبه الفن، ولا التنظيم، ولا التقاليد. ما يحدث يُشبه شيئًا آخر، دخيل، خفيف، كظلّ لا وزن له، لكنه يطول حتى يغطي وجه الصورة كلها.
لا تتركوا هذه العروض تُدار بأيدٍ مرتجفة أو نفوسٍ مريضة بالتملق. لا تتركوا من لا علاقة له بالمهنة يُقصي من بنى عمادها، ومن رفع أعمدتها. النقابة، التي كنا نلوذ بها في الضيق، صارت غائبة، متوارية، تكتفي بالمراقبة، وكأن الأمر لا يعنيها.
إننا لا نطلب دعوة، بل نطلب إعادة الأمور إلى موضعها.
لا نبحث عن مقعد، بل عن موقع الكلمة. لا نلتمس فرصة، بل نُطالب بحق محفوظ لا تُهدره شِلة ولا تُقصيه مزاجية.
ثم نسأل المنتج أحمد بدوي، ونُخاطب المخرج أحمد نادر جلال:
أترضيان لهذا الفيلم، الذي خرج منكما بجهد، أن يبدأ حياته على أرضٍ تُقصي المحترمين؟ أترضيان أن يشيَّد على رمال الكذب، لا على حجر الحقيقة؟ من يُقصي من يكتب، إنما يُقصي الفيلم ذاته عن التاريخ. الصورة وحدها لا تكفي. الصوت العالي لا يكفي. من لم يُكتب عنه، لم يُوجَد.
إن بقاء إبراهيم عبد العزيز في موقعه لم يعد أمرًا يمكن السكوت عنه. وجوده يُفرغ العرض من معناه، والسينما من هيبتها، والمهنة من جوهرها. هو صورة لما لا يجب أن يكون، وصرخة لكل من تبقّى في هذا الوسط بقلبٍ حيٍّ وضميرٍ يصحو.
ارحل، قبل أن يُكتب فيك ما لا يُمحى.
ارحل، لأنك لا تليق بالمكان.
ارحل، لأن المهنة لا تقبل الغرباء الذين يدخلون خلسة ويغلقون الأبواب في وجه أهلها.