د.حازم الشاذلي يكتب: الفاضي يعمل قاضي

التغيير شىء جميل وإيجابى ومرغوب وهو سنة الحياة وناموس الكون جرب الروتين الممل لفترات طويلة وستموت كمداً كما قال واحد من الفلاسفة من الممكن أن تغير من ديكور بيتك و لون حوائطه أو نمط ملابسك أو النادى الذى تشجعه أو صورة بروفايلك على وسائل التواصل الاجتماعى هذا اذا كنت وحدك حراً طليقاً وفى أشياء تخصك ولكن عندما تصير مسؤولاً وصاحب قرار فإن الأمر يصبح مختلفاً فالتغيير هنا يجب أن يكون بهدف وبعد رؤية ومن أجل المصلحة العامة مثل اختصار الاجراءات البيروقراطية المعرقلة أو لتحقيق ربح أكبر أو هدف إسمى ولكن التغيير لمجرد التغيير وليقال عنك أنك مختلف عن الأخرين فهذه هى الحماقة بعينها ! وللاسف هذا نراه كثيراً عند تغيير المناصب صاحب المنصب الجديد يحاول أن يكون مختلفاً عمن سبقوه وأن يترك بصمته الخاصة ولكن بدون رؤية أو وعى وهذا يصيب من حوله بالحيرة والارتباك لسبب بسيط هو عدم الفهم لأن الناس إذا فهموا أطاعوا عن اقتناع أما إذا لم يفهموا فطاعتهم ستتحول الى كبت وغضب وسيلعنوا أبائك وأسلافك سراً وعلانية .
وقديماً قالوا فى الأمثال الفاضى يعمل قاضى وهذا يقودنا إلي سبب أخر من أسباب التغيير بلا هدف الفراغ لأن الإنسان إذا لم ينشغل بفكرة أو رؤية أو هدف سامى أضاع وقته فيما لا يفيد التغيير مثلاً لمجرد التغيير أو التدخل فى أمور خلق الله يعمل قاضى والمثل موجود أيضاً فى اللغة الإنجليزية وهناك مثل أخر بذىء لا يصح أن أذكره ويؤدى لنفس المعنى ٠
وفى تراثنا قصة لطيفة عن شيخ حارة تركى تولى مسؤولية الحارة فكان أول شيء فعله أن أنشأ على باب الحارة زيرين ليشرب الناس منهما فسأله أهل الحارة لماذا لم تخصص زيراً واحداً كبيراً يشرب الناس منه بدلاً من زيرين فكانت إجابته العفوية لأقول للواحد إشرب من هذا ولا تشرب من ذاك ! المسالة إذن الرغبة فى التحكم والسيطرة لا منفعة الناس ٠
وأمثلة التغيير غير المجدى فى حياتنا كثيرة كم مرة تم تغيير نظام الثانوية العامة؟ مليون مرة فهل أدى ذلك إلى تطوير التعليم؟ هل زال شبح وبعبع الثانوية العامة ؟ كلا البتة
لى إبن وإبنة الأبنة أم تلتحق بالسنة السادسة الإبتدائية بعد أن تم الغائها أما الابن فقد التحق بها بعد عودتها ! لماذا ألغيت ولماذا عادت ؟ لا أحد يدرى ٠
على أيامى فى كلية الطب كانت هناك السنة الاإعدادية ندرس فيها الكيمياء والطبيعة والحيوان والنبات ودخلنا فيها المعامل الحقيقية لأول مرة وكانت بالفعل سنة فى منتهى الأهمية تم إلغاء هذه السنة بالرغم من تمام الوضوح أن المستوى العام كان يهبط والآن يفكرون فى إعادتها لماذا الغيت ولماذا تعود لا أحد يدرى .
لماذا نقيل مسؤولاً ونعين بدلاً منه مسؤولاً أخر بنفس المواصفات وننتظر نتائج أفضل ؟
غير فى لون سيارتك وماركة ساعتك كما تشاء حتى بدون سبب ولكن لا تغير بلا هدف فى مؤسستك التى عينت فيها إلا لرؤية معينة فإنها ليست عزبة أبيك ٠