حمدية عبد الغنى تكتب: "أولاد الأصول" كبسولات إنسانية بصوت.. وجدي وزيري تعيد للإعلام روحه المفقودة
في وقت ازدحمت فيه الشاشات بمحتوى سريع الزوال، يطل الإعلامى وجدى وزيرى عبر موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" بمجموعة فيديوهات قصيرة لا تتجاوز دقيقة ونصف، لكنها تحمل قيمة ومعنى وثقافة، تحت عنوان "أولاد الأصول"،ورغم بساطة الفكرة، إلا أن تأثيرها بدا واضحا لما تحمله من رسائل إنسانية رقيقة وقيم أصيلة افتقدناها في زحمة الحياة.
هذه "لكبسولات "لا تعتمد على الإطالة ولا على الاستعراض، بل على موقف إنساني واضح وصوت قادر على حمل المعنى ،فمن الحديث عن قيمة العهد والوعد، إلى جبر خواطر البسطاء، مرورا بقضايا الوعي المصاحبة لإفتتاح المتحف المصري الكبير، ووصولا إلى دور الأب في تشكيل شخصية أبنائه وكيف يمكن للحب الزائد أن يخلق إتكالية لدى الأبناء؟، ويستشهد وزيرى بمشهد خالد من مسلسل "أبنائي الأعزاء… شكرا" بين عبد المنعم مدبولي وحسن عابدين.
وبصوته المعبر، يعيد وزيرى إلى الذاكرة مدرسة الأستاذ فؤاد المهندس وبرنامجه الإذاعى الشهير "كلمتين وبس"، الذي كان يقدم رسالة واضحة في دقائق معدودة دون ضجيج أو إدعاء.
ولأن فكرة "أولاد الأصول"واسعة وعميقة، يمكن للبرنامج أن يستمد مادته من الأمثال الشعبية القديمة التي يعرفها البعض بينما يجهل معناها الكثيرون، لكنها تختصر جوهر الأخلاق والأصول. ومنها مثلا:
"شرم برم"،و"الجواب بيبان من عنوانه" و"الكلمة دين "،و "الراجل موقف"إشارة إلى أن الأصل لا يقاس بالكلام، بل بالتصرفات ساعة الجد.
كما يمكن للبرنامج تناول مواقف حياتية قصيرة جدا مثل:
شاب يساعد مسنا دون كاميرات، أب يعلم إبنه ثقافة الإعتذار، موظف يؤدي عمله بإخلاص، أو شخص يفرق بين الجدعنة والاستعراض.
رسائل بسيطة لكنها تصنع وعيا وتجعل الجيل الجديد يفهم من هم "أولاد الأصول حقا، ليس من يملكون المال، بل من يملكون ضميرا، وأدبا، وأخلاقا، وحسن تصرف، وقدرة على محاسبة النفس قبل الآخرين.
إن نجاح هذه الكبسولات القصيرة يؤكد أن الجمهور ينتظر محتوى نظيفا يحمل معنى، وأن التأثير الحقيقي لا يحتاج ساعات بث، بل يحتاج دقيقة صادقة.
ولهذا أرى أهمية إستمرار البرنامج، وأن يجد من يدعمه، وأن تتبناه الإذاعة المصرية أو إحدى قنوات المتحدة ليقدمه وزيرى بصوته فقط، بنفس الإسم والروح، ليكون جسرا من الحكمة اليومية وتذكيرا مستمرا بالقيم التي تبنى بها الأمم.
"أولاد الأصول" ليس مجرد برنامج إنه رسالة، ونافذة صغيرة تعيد لنا ما افتقدناه أن تصبح الأخلاق عادة، والوعى ثقافة، والإنسانية أسلوب حياة.