د.حازم الشاذلي يكتب: عقدة الخواجة
يروى عبد الله النديم حطيب أو وزير إعلام الثورة العرابية هذه النكتة والتى تعبر عن مدى سطوة وتفضيل الأجانب أو الخواجات على المصريين فى عصره وقف خواجة متهماً أمام القاضى فسأله هل قتلت هذا الرجل؟
لا هو كتل روخه
فهتف القاضى براءة
ثم وقف فلاح إبن البلد أمام نفس القاضى فسأله انت ضربت هذا الرجل بالسكين؟
لا هو ضرب نفسه
معقولة فيه حد يضرب نفسه؟ انت اسمك إيه؟
فرد الفلاح الذكى مخمد حسين !
النكتة مضحكة ولكنها مبكية أيضاً فشر البلية ما يضحك٠
الأمر مستمر حتى الآن ففى نظر البعض الخواجة فقط هو الأفضل الخواجة هو المتفوق والصادق والأمين والشرقى عامة هو المتخلف وهو صاحب الرذائل بالرغم من أن التاريخ لم يتحدث عن ذلك وإنما تحدث عن أن الأيام دول وأن دولنا للأسف ليست فى هذا العصر ولذا فنحن نتمسح فى الغرب.
وأنا لا مانع عندى أن نأخذ من الغرب أى من الخواجات كل ما هو نافع وجميل وأن نقوم بدور الغربال الذى ينتقى النافع ويسرب الذى لا قيمة له٠
ولابد لى أن أسوق الأمثلة التى على الأقل تجعلنا نفكر فيما نفعله بأنفسنا من عدم ثقتنا بقدراتنا.
بحكم عملى كطبيب تأتينى تقارير وممارسات من دول كثيرة وأتعجب من أن بعض الإجراءات الطبية المعتادة والمعترف بها دولياً لم يتم اتخاذها وأتعجب كيف ياتى هذا من طبيب تعلم وتخرج وعمل فى دولة أوروبية أو أمريكا ومع ذلك فالقادر منا يهرع الى الخارج للعلاج مع أنه يعلم علم اليقين أن لدينا من الأطباء الأكفاء والعالميين٠ وأصدق مثال على ذلك ماحدث للمطربة الشهيرة.
جرب مثلاً أن تصاب بفتاق فى بريطانيا ستأخذ شهور لتقابل الأخصائى وشهور بعدها لمقابلة الاستشارى وعام على الأقل لإجراء العملية فى بلدنا نفتقد الإمكانيات ولكن فى تأميننا الصحى المتواضع تستطيع أن تقابل الاستشارى فى أى وقت وتلعن أبو الدولة لو تأخرت عمليتك شهر أو شهرين ٠
نحن نفتقد الإمكانيات والأموال والأهم من ذلك الإدارة الجيدة الحكيمة التى تصنع من الفسيخ شربات كما يقولون والغريب أننا عندما نصر فإن كل الإبداع يصدر منا وأكبر دليل على ذلك هو حرب أكتوبر وأيضاً الجهود الفردية التى تصدر من موهوبين وعباقرة استطاعوا اقتحام الصعاب وتحقيق المعجزات٠
دعنى أذكرك بأمر أخر قد لا يبدو مهماً أنا اتحدى لو أن هناك إنصاف وعدل فى هذه الدنيا ولوكانت توجد إدارة جيدة ودعاية عاقلة اتحدى ألا يحصل صلاح منصور على الأوسكار فى دور العمدة فى الزوجة الثانية أو سناء جميل فى بداية ونهاية أو صلاح أبو سيف عن مجمل أعماله نعم أنت تقدر وتستطيع ٠الخواجة ليس أفضل منك٠
كفانا تمسح فى الغرب نفخر أن أولادنا يجيدون التحدث بالأجنبية ولا يقرأون إلا بها فقط وأنا أحلف لك أن أوروبا تسخر من أن بعض العرب المقيمين لديها لا يعرفون العربية لأنهم يعرفون جيداً أن اتقانك للغتين أو ثلاثة فيه شىء من العبقرية.
إننا نطلق على أبنائنا و محالنا وشواطئنا ومنتدياتنا أسماء أجنبية كنوع من الشياكة والتميز وننسي أن السينما العالمية الآن ممتلئة بأسماء عربية عمر الشريف رامى مالك مينا مسعود خالد النبوى وبالأمس فقط شاهدت فيلماً أمريكيا جديداً من إخراج نادية لطيف نعم إسمها هكذا وبحثت عنها فوجدتها مخرجة سودانية ناجحة .
عزيزى القارىء كن ذكياً وأعلم أن الخواجات ظروفهم افضل ولأنهم تبنوا سياسات بعيدة عن الجهل والتخلف وتخلوا عن السخافات ولكن ليس معنى هذا أنهم أفضل منك كتركيبة وبناء٠٠٠ ثق بنفسك ولا تضع النقطة على الحاء كما فعل الفلاح الذكى ٠
