تمكين المرأة في مصر.. إنجازات ملموسة وتحديات مستمرة

Mar 11, 2025 - 15:58
تمكين المرأة في مصر.. إنجازات ملموسة وتحديات مستمرة

بقلم : أ.د جيهان رجب

عضو المجلس القومى للمرأة فرع القاهرة

لطالما كانت المرأة المصرية نموذجاً للصمود والإصرار، فقد أثبتت عبر العصور قدرتها على تحمل المسؤولية والمساهمة في بناء المجتمع ، سواء في الأسرة أو سوق العمل أو الحياة السياسية. وفي السنوات الأخيرة ، شهدت مصر تحولات كبيرة على صعيد تمكين المرأة ، مع اتخاذ الحكومة والمجتمع المدني خطوات جادة لتعزيز حقوقها وتحسين أوضاعها. ومع ذلك ، لا تزال هناك تحديات تعترض طريق المرأة المصرية، خاصة فيما يتعلق بتمكينها الاقتصادي وحمايتها من العنف والتمييز.

تمكين المرأة....... مفتاح التنمية المستدامة

تمكين المرأة هو العملية التي تتيح لها الوصول إلى الفرص المتساوية في جميع المجالات، سواء كانت سياسية، اقتصادية، أو اجتماعية، مما يمنحها القدرة على اتخاذ قراراتها بحرية واستقلالية. ويعد هذا التمكين ركيزة أساسية لتحقيق التنمية المستدامة ، حيث تؤكد الدراسات أن المجتمعات التي تمنح السيدات فرصا متساوية تشهد معدلات نمو اقتصادي واجتماعي أعلى .

تمكين المرأة لا يخدم السيدات فقط ، بل ينعكس إيجابيا على المجتمع ككل من خلال :

تحقيق التنمية الاقتصادية: عندما تحصل المرأة على فرص متساوية في العمل، يزداد النمو الاقتصادي، وتتحسن مستويات المعيشة للأسر.

تعزيز العدالة الاجتماعية: تقليل الفجوة بين الرجل والمرأة يساهم في بناء مجتمع أكثر عدالة وتوازناً .

تحسين مستوى التعليم والصحة: السيدات المتمكنات يحرصن على تعليم أبنائهن وتوفير حياة صحية ومستقرة لهم.

الحد من الفقر: دعم المرأة اقتصادياً يؤدي إلى تقليل معدلات الفقر، خاصة بين الأسر المعيلة التي تعتمد على السيدات كمصدر رئيسى للدخل.

إنجازات غير مسبوقة ......المرأة تتصدر المشهد

في مصر، اتخذت الدولة عدة خطوات لدعم المرأة ، سواء عبر القوانين والتشريعات ، أو من خلال المبادرات والمشروعات التنموية التي تستهدف تعزيز دور المرأة في مختلف المجالات.

خلال السنوات الأخيرة، حققت المرأة المصرية العديد من الإنجازات التي لم تكن متاحة لها من قبل، حيث شهدت ارتفاعاً في معدلات المشاركة السياسية والاقتصادية، إلى جانب حصولها على مزيد من الحماية القانونية.

1. التمكين السياسي: المرأة في مراكز صنع القرار

شهد البرلمان المصري زيادة غير مسبوقة في نسبة تمثيل المرأة، حيث وصلت إلى 28% في مجلس النواب و15% في مجلس الشيوخ.

تعيين عدد من السيدات في مناصب وزارية مهمة، مثل وزارة التخطيط والتعاون الدولى ، وزارة البيئة، وزارة التنمية المحلية، وزارة التضامن الإجتماعى مما يعكس اعترافا بقدرات المرأة في القيادة وصنع القرار، بالإضافة إلى دعم الدولة لمشاركة المرأة في الحياة السياسية من خلال حملات التوعية وتشجيعها على الترشح للمناصب المختلفة.

2. التمكين الاقتصادي: دعم ريادة الأعمال ومشروعات المرأة

إطلاق المبادرة الوطنية لتمكين المرأة اقتصاديًا، والتي تهدف إلى دعم مشروعات المرأة وتعزيز مشاركتها في سوق العمل، مثل مبادرة " حياة كريمة " التى توفر فرص عمل للسيدات فى المناطق الريفية والمهمشة .

توفير برامج تمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة التي تستهدف السيدات ، خاصة في المناطق الريفية.

تنفيذ برامج تدريبية لمساعدة السيدات على اكتساب مهارات مهنية جديدة، مثل البرمجة والتسويق الرقمي وريادة الأعمال.

3. الحماية القانونية والاجتماعية: تشريعات لصالح المرأة

إقرار قوانين لمكافحة العنف ضد المرأة، تشمل تغليظ عقوبات التحرش والعنف الأسري.

تعديل قوانين الأحوال الشخصية والميراث لضمان حقوق المرأة في الميراث والنفقة.

إطلاق حملات توعية مجتمعية لمناهضة الزواج المبكر وختان الإناث.

تحديات ما زالت قائمة....... الطريق لم يكتمل بعد

على الرغم من الإنجازات التي تحققت، لا تزال هناك تحديات تتطلب مزيداً من الجهود لضمان تمكين المرأة المصرية بشكل كامل ، ومن أبرز هذه التحديات:

عدم المساواة في الأجور: لا تزال المرأة تحصل على أجور أقل من الرجل في كثير من الوظائف ، رغم تماثل المهام والمسؤوليات.

التمييز المجتمعي : بعض العادات والتقاليد لا تزال تشكل عائقا أمام حصول المرأة على حقوقها كاملة، خاصة في المناطق الريفية.

العنف ضد المرأة: رغم التشريعات الصارمة، لا تزال بعض السيدات يتعرضن للعنف الأسري والتحرش، مما يتطلب مزيداً من الجهود لتوفير بيئة أكثر أماناً لهن.

ضعف الفرص الاقتصادية: تحتاج النساء إلى فرص أكثر في القطاعات غير التقليدية مثل التكنولوجيا والهندسة وريادة الأعمال.

المرأة المعيلة والمكافحة : صراع يومي من أجل الحياة ، هن أبطال خلف الكواليس، رغم الإنجازات ، لا تزال المرأة المصرية، خاصة المرأة المعيلة والمكافحة، تواجه تحديات يومية تتمثل في الظروف الاقتصادية الصعبة، والعادات المجتمعية التي تعيق تقدمها، ونقص الدعم اللازم لمساعدتها على تحقيق الاستقلال المالي والاجتماعي.

تشير الإحصاءات إلى أن 30% من الأسر المصرية تعولها سيدات، مما يضع مسؤوليات اقتصادية واجتماعية هائلة على عاتقهن. هؤلاء السيدات يعملن في وظائف غير مستقرة، وغالباً بأجور منخفضة، ويكافحن لضمان حياة كريمة لأطفالهن.

دور المجلس القومي للمرأة في دعم المرأة المصرية

يعد المجلس القومى للمرأة أحد أهم الجهات الداعمة للمرأة فى مصر ، حيث يعمل على توفير الدعم القانونى ، والإقتصادي، والنفسى ، والاجتماعي، من خلال عدة محاور:

 التمكين الاجتماعي

نشر حملات التوعية بحقوق المرأة، مثل حملة "طرق الأبواب".

مكافحة العنف الأسري من خلال وحدات حماية المرأة التي تقدم الدعم القانوني والنفسي.

 التمكين الاقتصادي

دعم المشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر من خلال تقديم قروض ميسرة.

توفير برامج تدريبية للسيدات المعيلات لمساعدتهن على اكتساب مهارات جديدة.

تشجيع السيدات على دخول مجالات جديدة مثل الصناعات الحرفية والتكنولوجيا.

 التمكين السياسي

تنظيم ورش عمل لتأهيل السيدات للمشاركة في الحياة السياسية.

تعزيز دور المرأة في الانتخابات والمناصب القيادية.

 الحماية النفسية والمعنوية

إنشاء مراكز دعم نفسي للسيدات المتعرضات للعنف الأسري.

تنظيم حملات توعية حول الصحة النفسية وأهمية الاهتمام بالمرأة نفسيًا ومعنويًا.

نحو مستقبل أكثر عدالة وتمكينا للمرأة المصرية

رغم التقدم الملحوظ في مجال تمكين المرأة ، فإن تحقيق المساواة الكاملة يتطلب استمرار الجهود على جميع المستويات، سواء من خلال سن المزيد من القوانين الداعمة، أو تغيير النظرة المجتمعية لدور المرأة، مع التركيز على توسيع برامج دعم المرأة المعيلة وتوفير حلول مستدامة لضمان حياة كريمة لهم ولأسرهم.

المرأة ليست فقط نصف المجتمع، بل هي القلب النابض له و المحرك الأساسي للتنمية والنهضة. إن دعمها وتمكينها لا يعود بالفائدة عليها وحدها، بل على المجتمع بأسره. فمتى حصلت المرأة على حقوقها كاملة، تقدم المجتمع بأكمله نحو مستقبل أكثر إشراقاً.