خيرى حسن يكتب: لقاء الجمال بين زويل وفيروز فى حضور المسلماني وتويني

Mar 10, 2025 - 12:39
خيرى حسن يكتب: لقاء الجمال بين زويل وفيروز فى حضور المسلماني وتويني

أوائل الأربعينيات سُئل عباس محمود العقاد:

" أو لا يجوز للفنان أن يتعصب لوطنه"؟ فرد:

" بلى يجوز". ثم أكد قائلاً:

" بل يجب في كثير من الأحيان ذلك التعصب.. ولكن...." 

وعند (ولكن) سكت.

فعاد السائل يسأل عما بعد( ولكن)؟ فرد العقاد:

" على أن يُصدق البيان ولا يتكفل بتشويه الحقيقة" 

-- لماذا؟

-- رد:" لأن الفن جمال، والجمال عدو لكل تشويه".

                      

وأنا لا أعرف على وجه الدقة هل الفنانة - فيروز - وما تمثله من قيمة عظيمة فى وطننا العربي العظيم قد قرأت هذا الرأي للعقاد قبل ذلك أَمْ لا؟ فهي - مثل الست أم كلثوم - وغيرهن تعاملاً مع الفن - بالفعل - على أنه جمال .. 

والجمال عدو لكل تشويه" والذي يؤكد هذا الكلام ما قرأته - ونقله لنا الكاتب الصحفي والإعلامي أحمد المسلماني لكونه حضر لقاءً تاريخياً لم يتكرر - ولن يتكرر - فى بيروت صيف عام 2005 ضم السيدة فيروز والدكتور أحمد زويل وفيه - أي فى هذا اللقاء - أو قبله - وربما بعده - قد ذكرت السيدة ريم رحباني ابنتها:

" أن محاولات تسييس فيروز كلها فاشلة".

ولماذا فشلت؟ فشلت لأن فيروز اعتبرت الفن جمال..والجمال عدو التشويه..والتسييس.

نعم فيروز تتعصب من أجل لبنان ولكن - كما قال العقاد - "على أن يكون هذا التعصب صادق البيان ولا يتكفل بتشويه الحقيقة". ولو تعاملنا جميعاً بهذا المنطق( لاسترحنا وارحنا).

                     

فى هذا اللقاء - لقاء السحاب إذا جاز الوصف - وهو باليقين يجوز - بين زويل وفيروز - وقفت بجواره فى حرم الجامعة الإمريكية - كأول صوت عربي يحصل على الدكتورة الفخرية فى الوطن العربي- حيث التقي العلم مع الفن..والعلم والفن هما جناحا (الجمال ) لأي أمة. 

                 

لكن قبل مراسم الاحتفال يحدثنا أحمد المسلماني عن اللحظات الأولي والتى حضرها( وهو محظوظ بهذا الحضور النادر الذي لم يتحقق لغيره) خاصة في حضور الكاتب اللبناني الشهير غسان تويني وأستاذ جامعي فلسطيني آخر ( لم يذكر اسمه). 

                        

فى البداية دار حديث غريب وعجيب ما بين فيروز والمسلماني ثم انضم - للحديث - غسان توينى والدكتور الفلسطيني الذي قال لفيروز:

"لقد حضرت لكِ حفلة كنت تغّنين فيها عن القدس" ثم سكت قليل. فيما كان المسلماني يستمع، وتويني منتبه، وفيروز تنتظر..ثم أكمل قائلاً :

"وقد سالت دموعي ودموع الحضور مما سمِعنا" هزت فيروز رأسها ولم تعلق ( ظهر التأثر عليها وعلى المسلماني والدكتور كاد أن يكرر البكاء) إلا أن غسان تويني - ربما ليهدئ من توتر الموقف - خاصة وهذا اللقاء كان قبل الحفل بدقائق - قال مازحاً:

" كنا نبكي لأنه كان عندنا أمل". 

نظر المسلماني إلى فيروز ليسمع ردها فوجدها تقول بكل ثقة ويقين:

"لا يزال عندنا أمل". 

                                     

بعد دقائق تحركت - ومعها الحضور إلى القاعة ووقفت بجوار - أو وقف بجوارها - الدكتور أحمد زويل للتكريم..

ذلك التكريم الذي يؤكد على أن الفنان - الفنان الحقيقي - هو الذي يعتبر الفن جمال..والجمال عدو التشويه". 

                    

إن أحمد زويل بعلمه، وقدره، ومقامه.

 وإن فيروز بصوتها، وقدرها، ومقامها، 

لو عاد بهما الزمن وصعدا إلى حفل مشابه؛ فمن المؤكد أنهما كان سيقولان ويؤكدان - رغم كل الذى نراه اليوم في وطننا العربي الكبير - على الجمال الذي - أكد عليه العقاد عام 1944- لأنه - أي الجمال - هو الذي سيؤدى بنا إلى الأمل..أو كما قالت فيروز:

"لا يزال عندنا أمل"..والأمل ي

بقي دائماَ بالحقيقة.. والجمال.