الكاتب الصحفي خيري حسن يكتب: عندما سأل رجاء النقاش ـ نجيب محفوظ عن رأيه في أحمد عدوية؟
سأل رجاء النقاش نجيب محفوظ عن رأيه فى الأصوات الجديدة التى يستمع لها - كان ذلك منتصف التسعينيات - رد قائلاً: "المطرب الوحيد الذى استطاع الحفاظ على تميزه وسط هذا الطوفان الغنائى منذ وفاة عبد الحليم حافظ هو أحمد عدوية"
-- أحمد عدوية؟!
-- نعم.. لأنه فى رأيي - رأى نجيب محفوظ شخصياً - صاحب صوت قوى ومؤثر، وله أسلوبه الشعبي المميز".
وعند الشعبى هنا نتوقف ونذهب معاَ إلى محل حلاقة فى شارع اسمه شارع عبد الحميد مكى - شارع عشوائي سكنت فيه عدة سنوات ويقع على أطراف المعادى من ناحية مصر القديمة - وكان ( الحلاق ) - أو مصفف الشعر - يطلق أهل المنطقة عليه اسم (الدكتور) لما له من مهارة فائقة فى قص الشعر.
ذهبت إليه مرة فوجدت الصالون - وكأن أحمد عدوية يجلس معنا - الأغانى لعدوية فقط، الصور لعدوية فقط، وهو نفسه لا يمسك ( المقص) إلا إذا استمع لصوت عدوية.
وعندما سألته عن سر حبه لصوت عدوية قال:
" بيغنى الأغانى بتاعتنا يا أستاذ.. عدوية ده كان حاسس بوجعنا، وكان صوته ( بيطبطب بيه علينا)"! وهذا هو الأسلوب - والحس - الشعبى الذى كان يتحدث عنه نجيب محفوظ عند عدوية!.
بعد سنوات انتقلت إلى مكان آخر فى المعادى وكنت أمر على مسكنه الذى عاش فى شقة رقم 4 شارع 164 تقاطع 105 - المعادى - انتقل إلى مكان آخر فى السنوات الأخيرة - وكنت أراه - خاصة بالليل - جالس مع عدد من الأقارب والأصدقاء وتمر أمامه الحافلات، والاتوبيسات وسيارات الميكروباص التى دائماَ ما كان ينادى كل سائق سيارة فيها عليه:" منور يافنان"!.
فيرد من بعيد بإشارة ترحيب فى سعادة وابتسامة دون ضجر أو ملل.. وهذا هو الحس الشعبى الذى كان يقصده نجيب محفوظ عند عدوية.
وبعد سنوات أخرى ذهبت مع قريب لشراء شقة فى منطقة قرببة - فى المعادى أيضاَ - وقال لى إنها فى شارع أحمد عدوية.
-- أحمد عدوية المطرب
-- آه.. وفى عمارته كمان"
وكانت الشقة فى منزل رقم 12 بشارع أحمد عدوية المتفرع من شارع حسنين دسوقى.
الشقة كانت باسم أحمد مرسي على عون - اسم الشهرة عدوية - وكانت أول مرة أعرف اسمه الحقيقي و الشقة فى عمارة بناها فى السبعينيات ليعيش فيها أفراد أسرته وأقاربه ليكونوا بجواره دائماً.. وكان - حسبما قال لى أحد أقاربه وقتها - يأت كل موسم من المواسم ليشاركهم الأفراح والمناسبات الاجتماعية والشقق - فى العمارة - متاحة، ومباحة لكل أقاربه وبأسعار رمزية وأحياناَ بالمجان.. وهذا هو الحس الشعبى الذى كان يقصده نجيب محفوظ..عند عدوية!
أحمد عدوية..كان صوته قوياَ ومؤثراً ، لأن شخصيته كانت تعبر عن ابن الحارة الشعبية المصرية الطيبة.. الصادقة بلا كذب، الموهبة بلا افتعال، الأمينة بلا نفاق، الأصيلة بلا ادعاء.