الدكتور مجدي كامل الهواري يكتب : الفقر النفسي والوهم التخيلي

يعد الفقر النفسي والوهم التخيلي من الظواهر النفسية التي تؤثر بشكل كبير على حياة الأفراد والمجتمعات. فبينما يرتبط الفقر النفسي بعدم الإحساس بالكفاية والرضا رغم توافر الموارد، يمثل الوهم التخيلي تصورا غير واقعي عن الذات أو الحياة، مما قد يؤدي إلى العيش في عالم من الأحلام الزائفة والهروب من الواقع.
- أولاً : الفقر النفسي
الفقر النفسي لا يتعلق فقط بنقص المال أو الموارد المادية، بل يمتد إلى الشعور الداخلي بعدم الاكتفاء وانعدام السعادة رغم توافر ما يلزم للعيش الكريم. ومن مظاهره :
1. الشعور الدائم بالنقص : حتى مع امتلاك الشخص لما يحتاجه، يظل غير راضٍ ويشعر بأنه أقل من الآخرين.
2. ضعف التقدير الذاتي : يرى الشخص نفسه غير ناجح أو غير قادر على تحقيق أهدافه.
3. المقارنة المفرطة بالآخرين: التركيز على حياة الآخرين و إنجازاتهم بدلاً من تقدير ما يمتلكه الشخص.
4. غياب الامتنان : عدم تقدير النعم الموجودة، مما يزيد الشعور بعدم السعادة.
- أسباب الفقر النفسي ..
التنشئة الاجتماعية التي تركز على النواقص بدلاً من الإنجازات.
المجتمع الاستهلاكي الذي يزرع ثقافة الحاجة الدائمة للمزيد.
تجارب الفشل المتكررة التي تجعل الشخص يشعر بعدم الكفاءة.
- ثانياً : الوهم التخيلي..
الوهم التخيلي هو حالة يعيش فيها الشخص داخل تصورات غير واقعية، قد تكون إيجابية بشكل مبالغ فيه أو سلبية لدرجة مرضية. ومن أشكاله :
1. العيش في عالم من الأحلام : الاعتقاد بأن النجاح أو التغيير سيحدث دون بذل جهد حقيقي.
2. الهروب من الواقع: رفض مواجهة المشاكل والاعتماد على الخيال كوسيلة للهروب.
3. المبالغة في تقدير الذات: تصور غير حقيقي عن القدرات والإمكانات الشخصية، مما يؤدي إلى الفشل عند الاصطدام بالواقع.
4. الإحباط عند التناقض مع الواقع: عندما يدرك الشخص أن ما كان يتخيله لا يمكن تحقيقه بسهولة، يشعر بالإحباط وربما بالاكتئاب.
- التأثيرات السلبية للفقر النفسي والوهم التخيلي
عدم تحقيق الأهداف بسبب انعدام الواقعية في التفكير.
التوتر والقلق المستمر الناتج عن عدم الرضا أو عن صدمة الواقع.
تدهور العلاقات الاجتماعية بسبب عدم القدرة على التفاعل بشكل صحي مع الآخرين.
الشعور بالضياع حيث لا يجد الشخص مسارا" واضحاً لحياته.
كيف يمكن التغلب عليهما ؟
1. تنمية الوعي الذاتي : إدراك نقاط القوة والضعف والتعامل مع الواقع بموضوعية.
2. ممارسة الامتنان : التركيز على ما يمتلكه الشخص بدلاً من ما ينقصه.
3. التخطيط الواقعي : وضع أهداف منطقية والعمل عليها بدلاً من العيش في الأوهام.
4. تعزيز الثقة بالنفس : من خلال تحقيق إنجازات صغيرة وبناء تقدير ذاتي صحي.
5. طلب الدعم النفسي : في حال تطورت المشكلة وأثرت بشكل كبير على جودة الحياة.
و أخيراً..
الفقر النفسي والوهم التخيلي مشكلتان يمكن أن تمنعا الإنسان من تحقيق ذاته والعيش بسعادة. لكن من خلال تطوير الوعي الذاتي، وممارسة الامتنان، ووضع خطط عملية، يمكن التغلب عليهما وبناء حياة أكثر واقعية وإيجابية.