د.شيرين الشافعي تكتب: تجسيد المرأة في الفن والإعلام.. بين الواقع والتغيير المنشود

يُعد الفن والإعلام من أقوى الأدوات التي تؤثر في تشكيل وعي المجتمعات وتوجيه فكرها، إذ يعكسان واقع المجتمع وقيمه وتطلعاته. ومن بين القضايا المهمة التي تتطلب معالجة دقيقة ومسؤولة، مسألة تصوير المرأة في هذه الوسائل، حيث لا يزال دورها يُقدَّم في كثير من الأحيان ضمن قوالب نمطية تقلل من أهميتها، وتحصرها في أدوار ثانوية، أو تجعلها مجرد ضحية للصراعات الاجتماعية.
إعادة النظر في تصوير دور المرأة
يجب أن يعكس الفن والإعلام الواقع الحقيقي لدور المرأة في المجتمع، وليس مجرد صورة تقليدية تختزلها في أدوار محدودة.
إن الاستمرار في تقديم المرأة كشخصية ضعيفة أو هامشية أو مشوهة يضر بالوعي المجتمعي، ويعزز الأفكار المغلوطة التي تحدّ من فرص تمكينها.
في المقابل، فإن إبراز النساء في أدوار قيادية وإبداعية وواعية بمشاكل أسرتها و مجتمعها و المحافظة على التقاليد و العادات المصرية الأصيلة التي ترسخت عبر الزمن يساهم في تصحيح الصورة النمطية، ويعطي تمثيلًا أكثر عدالة لواقعهنّ ومساهمتهنّ في بناء المجتمع و الحفاظ على قيمه.
تأثير الإعلام والفن في العصر الرقمي
مع الثورة الرقمية والانفتاح الإعلامي، أصبح تأثير الفن والإعلام أكثر عمقًا واتساعًا من أي وقت مضى. فقد بات من الممكن لمشهد واحد أو فكرة معينة أن تصل إلى جمهور عالمي خلال لحظات، مما يزيد من مسؤولية صناع المحتوى في اختيار الرسائل التي يروجون لها. فبدلًا من ترسيخ الصور النمطية التي تحدّ من تطور المجتمع، يجب أن يكون الفن أداة لفتح الآفاق وتعزيز النقاش حول قضايا المرأة والمساواة بطريقة أكثر وعيًا ومسؤولية.
إن تقديم أعمال فنية وإعلامية تعكس تطلعات المجتمع وقيمه الحقيقية، يسهم في تعزيز الحوار الثقافي، ويتيح للأجيال القادمة نماذج إيجابية تلهمها للمساهمة الفعالة في بناء مستقبل أكثر إشراقًا.
الفن كمرآة صادقة للمجتمع
يجب أن يكون الفن انعكاسًا حقيقيًا للمجتمع، لا مجرد أداة لترويج صور مشوهة أو مبتورة عن الواقع. عندما ينجح الفن في تقديم صورة متكاملة للمرأة والرجل على حد سواء، فإنه يتحول من مجرد وسيلة ترفيه إلى منصة للحوار والتغيير الاجتماعي، وجسر يربط بين الثقافات ويعزز الهوية الحضارية.
و ختامًا..إن الفن والإعلام لا يقتصران على نقل الصورة، بل يساهمان أيضًا في تشكيلها.
فهو إما أن يكون قوة دافعة للنهضة والوعي، أو أن يتحول إلى أداة تُكرّس الصور النمطية وتُشوّه الهوية.
لذا يبقى الرهان الأكبر على توظيف الفن والإعلام بوعي ومسؤولية، ليكونا نبراسًا للفكر، ومنارة للقيم، وجسرًا يعبر بالمجتمع نحو وعي أرقى وثقافة أعمق وتحفيز الأفراد على بناء مستقبل أكثر إشراقًا.