د. أيمن إمام يكتب: الغذاء هو الدواء.. كيف يحمى طعامك صحتك ويعكس مسار الأمراض المزمنة

Sep 13, 2025 - 14:09
Sep 13, 2025 - 14:09
د. أيمن إمام يكتب: الغذاء هو الدواء.. كيف يحمى طعامك صحتك ويعكس مسار الأمراض المزمنة

تشير التقديرات الحديثة إلى أن الأمراض المزمنة مثل أمراض القلب والأوعية الدموية، وداء السكري من النوع الثاني، وبعض أنواع السرطان تمثل أكثر من ٧٠% من أسباب الوفيات عالميًا (منظمة الصحة العالمية ٢٠٢١).

 وتُظهر الأدلة العلمية أن التغذية تلعب دورًا محوريًا ليس فقط في الوقاية من هذه الأمراض، بل أيضًا في عكس مسارها أو الحد من مضاعفاتها. 

ومن هنا ظهرت مقولة: "الغذاء هو الدواء الأول"، باعتباره أداة علاجية فعّالة عند دمجه مع أنماط حياة صحية أخرى.

العناصر الغذائية الرئيسية ودورها في الوقاية

1. الخضروات والفواكه

تحتوي على مجموعة واسعة من مضادات الأكسدة مثل فيتامين سى، والكاروتينات، والفلافونويدات، التي تحمي الخلايا من التلف التأكسدي وتقلل من خطر الإصابة بالسرطان وأمراض القلب. كما أن الألياف الموجودة بها تسهم في تنظيم سكر الدم وخفض الكوليسترول .

 ٢. الحبوب الكاملة

الحبوب الكاملة مثل الشوفان والقمح الكامل ، الذرة ، الرز البنى ، الكينوا والشعير غنية بالألياف القابلة للذوبان التي تقلل من مقاومة الإنسولين وتخفض ضغط الدم، وهو ما يقلل خطر السكري من النوع الثاني وأمراض القلب .

 ٣. الدهون الصحية

الدهون الصحية هى الدهون غير المشبعة، وخاصة أحماض أوميغا-3 الموجودة في الأسماك وزيت الزيتون والمكسرات، تقلل الالتهابات المزمنة وتحسن صحة الأوعية الدموية، مما يخفض خطر الجلطات وأمراض القلب التاجية.

أما الدهون غير الصحية هى الدهون المشبعة والمتحولة وتستخدم فى الوجبات السريعة والمخبوزات ،وتساهم الدهون المشبعة والمتحولة فى رفع مستوى الكوليسترول الضار فى الدم وتقلل مستوى الكوليسترول النافع ،كما أنها تزيد من خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية ، ومرض السكر من النوع الثانى والسمنة  

 ٤. البروتينات الصحية

البروتينات النباتية (البقوليات ، العدس، الفول، الحمص ) وكذلك الأسماك والدواجن قليلة الدهون والبيض ومنتجات الألبان ، تسهم في تقليل الالتهابات وتحسين توازن التمثيل الغذائى، مقارنة باللحوم الحمراء والمعالجة التي ترتبط بزيادة خطر السرطان والسكري .

النظم الغذائية العلاجية

1. النظام الغذائى المتوسطي

هو نمط غذائى صحى تقليدى لسكان دول حول حوض البحر الأبيض المتوسط أحد أكثر النظم الغذائية دراسةً، ويعتمد على تناول الأطعمة النباتية الغنية بالالياف مثل الخضروات، الفواكه، الحبوب الكاملة، البقوليات ، زيت الزيتون، والأسماك ويقلل من استهلاك اللحوم الحمراء ، السكريات المضافة والأطعمة المصنعة .

  أظهرت دراسات طويلة المدى أنه يقلل من خطر أمراض القلب بنسبة تصل إلى ٣٠ % كما يقلل من خطر الإصابة بالأمراض المزمنة مثل مرض السكر من النوع الثانى .

 ٢ . النظام النباتي 

هو نمط غذائى يعتمد بشكل أساسي على الأطعمة النباتية مثل الخضروات والفواكه والبقوليات والمكسرات والبذور ويقلل أو يتجنب المنتجات الحيوانية وقد يشتمل هذا النظام على بدائل للألبان ومشتقاتها .

 هذا النظام أثبت فعاليته في تحسين التحكم في سكر الدم وإنقاص الوزن، بل وعكس مسار مرض السكر من النوع الثاني لدى بعض المرضى .

 ٣. نظام داش 

هو نمط غذائى صحى تم تطويره لخفض ضغط الدم المرتفع والوقاية منه ، ويعتمد على الفواكه، الخضروات، الحبوب الكاملة، ومنتجات الألبان قليلة الدسم، بينما يقلل إلى شكل كبير من الأطعمة الغنية بالصوديوم ( الملح ) والدهون المشبعة والسكريات المضافة. 

وقد أثبت فعاليته في تقليل ضغط الدم والكوليسترول معًا ويساهم فى الحفاظ على وزن صحى .

التغذية وعكس مسار الأمراض

تشير الدراسات الحديثة إلى أن التغذية قد تلعب دورًا علاجيًا يتجاوز الوقاية:

في دراسة بريطانية عام ٢٠١٨ ، تمكن أكثر من ٤٦% من مرضى السكر النوع الثاني من الوصول إلى مرحلة التحويل العكسي للمرض عبر فقدان الوزن باتباع نظام غذائي منخفض السعرات.

أظهرت الأبحاث أن اتباع نظام نباتي قليل الدهون مع ممارسة الرياضة وإدارة التوتر قد يساهم في عكس تصلب الشرايين التاجية وتحسين تدفق الدم إلى القلب .

التوصيات العملية

 ١. زيادة استهلاك الخضروات والفواكه ليصل إلى 5 حصص يوميًا على الأقل.

 ٢. استبدال الحبوب المكررة (الأرز الأبيض، الخبز الأبيض) بالحبوب الكاملة.

 ٣. الاعتماد على الدهون الصحية مثل زيت الزيتون والزيوت النباتية الأخرى والمكسرات بدلًا من السمن والزيوت المهدرجة.

 ٤. تقليل استهلاك اللحوم الحمراء والمعالجة، واستبدالها بالبقوليات أو الأسماك.

 ٥. تقليل السكر المضاف والملح إلى أدنى حد ممكن.

الخاتمة

التغذية ليست مجرد وسيلة للوقاية، بل يمكن أن تكون علاجًا فعّالًا لعكس مسار الأمراض المزمنة والحد من مضاعفاتها. اعتماد أنماط غذائية صحية مثل النظام المتوسطي أو النباتي، والالتزام بخيارات غذائية غنية بالمغذيات ومضادات الأكسدة، يُمثل خطوة جوهرية نحو تحسين جودة الحياة.

 وبذلك يصبح الغذاء بحق أداة وقائية وعلاجية في آن واحد.