مصطفى صلاح يكتب: «جمال العدل» رائد في صناعة الفن الذي يعكس الواقع

في عالم الدراما المصرية، حيث تتلاقى الأضواء والشخصيات والقصص، يقف اسم "جمال العدل" كأحد الأعلام البارزة التي أسهمت بشكل غير مسبوق في تطور هذا المجال. لم يكن العدل مجرد منتج، بل كان من المبدعين الذين ساهموا في رسم ملامح الطريق الذي سلكته الدراما العربية، ليصنع بصمته الواضحة في تاريخ الإنتاج الفني. بدأ مشواره في عالم الإنتاج في فترة كانت فيها صناعة السينما والتلفزيون في مرحلة انتقالية بين القديم والجديد. بفضل رؤيته الثاقبة وإحساسه المرهف بالواقع الاجتماعي والإنساني، استطاع أن يميز بين الأعمال التي ستترك أثرًا طويلًا وتلك التي ستصبح مجرد ذكريات عابرة. كان دائمًا يسعى للابتكار والتطوير، وتقديم محتوى درامي يُحاكي الواقع ويحترم عقلية المشاهد.
ما يميز "جمال العدل" عن غيره من المنتجين هو أسلوبه المميز في اختيار الأعمال التي يلتزم بها. هو ليس مجرد منتج يضع المال على طاولة الإنتاج، بل هو شريك حقيقي في كل مرحلة من مراحل العمل، بدءًا من الفكرة، مرورًا بالكتابة، وصولاً إلى التصوير والمونتاج. قدرته على اكتشاف المواهب الجديدة، سواء كانوا ممثلين أو مخرجين، جعلته دائمًا في صدارة المشهد الفني. كان يضع اهتمامًا كبيرًا في نوعية الموضوعات التي يتناولها، فهو لا يكتفي بإنتاج عمل درامي لمجرد تلبية احتياجات السوق، بل كان يهتم بتقديم رسائل مهمة، من خلال سيناريوهات تلامس هموم الناس وتناقش قضايا اجتماعية ذات بعد إنساني.
من أبرز أعماله التي أثرت في الجمهور بشكل كبير، كانت المسلسلات التي ناقشت موضوعات قريبة إلى قلب المواطن المصري. مثل مسلسل "حارة اليهود" الذي نقل لنا قصة تاريخية عن العلاقة بين اليهود والمسلمين في مصر. وغيرها من أعمال هادفة، تلك الأعمال لم تكن مجرد مسلسلات ترفيهية، بل كانت تقدم نظرة نقدية للمجتمع، وتنقل الواقع بحرفية عالية. كما أن "جمال العدل" قدّم أعمالًا تتجاوز حدود المحلي، ليصل إلى قلوب الناس في كل مكان، فكان من أول المنتجين الذين حاولوا تصدير الدراما المصرية إلى أسواق مختلفة، مما ساعد على نشر الثقافة المصرية في المنطقة العربية والعالم.
بعيدًا عن الشاشة، كان "جمال العدل" يمثل مثالًا للمنتج الذي لا يعرف التردد في اتخاذ القرارات، ولكنه في نفس الوقت كان يتمتع بقدرة فائقة على الاستماع للآخرين. كان دائمًا ما يشارك مخرجين وفنيين، إضافة إلى الكتاب، في عملية خلق العمل الفني، وفي الوقت ذاته، لا يتردد في اتخاذ القرارات الحاسمة التي تخدم مصلحة العمل. من أبرز سمات "جمال العدل" هي قدرته الفائقة على اختيار الأبطال بعناية شديدة. كان يدرك جيدًا أن العنصر البشري هو سر نجاح أي عمل درامي، لذلك كان دائمًا ما يراهن على الممثلين الذين يتناسبون مع أدوارهم، وهو ما جعل أعماله تتمتع بمصداقية وجذب جماهيري منقطع النظير. شخصياته لا تكون مجرد شخصيات فنية، بل تكون دائمًا حية، تتنفس الواقع بكل تفاصيله.
وفي النهاية، لا شك أن "جمال العدل" هو واحد من أبرز المنتجين الذين أثروا في صناعة الدراما المصرية والعربية. أعماله، التي مزجت بين الإبداع والفن، تركت بصمة كبيرة ستظل حاضرة على مر الأزمان. مع كل عمل ينتجه، يقدم جمال العدل للعالم قصة جديدة، ورؤية جديدة، تضمن استمرار تأثيره في صناعة لا يتوقف فيها الإبداع. إرثه سيبقى جزءًا لا يتجزأ من تاريخ الدراما المصرية، وهو ليس مجرد منتج درامي بل أحد القامات التي شكلت ملامح هذا الفن الراقي، وأثر فيه بكل ما يملك من إبداع ورؤية فنية فريدة. ومن خلال شركة "العدل جروب"، التي تعد من أكبر شركات الإنتاج في السوق الدرامي، استطاع العدل أن يحقق إنجازات ضخمة ويستمر في تقديم محتوى مميز يرضي جميع الأذواق.