«ضباب فوق طهران».. كيف استبقت إسرائيل ضربتها بمناورات داخلية وأذرع نائمة

يونيو 19, 2025 - 12:01
«ضباب فوق طهران».. كيف استبقت إسرائيل ضربتها بمناورات داخلية وأذرع نائمة

كتبت: شروق حمدي مصطفى 

في هجومٍ أربك صناع القرار في طهران، كشفت مصادر مطلعة على مجريات العمليات الإسرائيلية الأخيرة داخل إيران عن "تحركات خاطفة ومموهة" سبقت الضربة الجوية الأخيرة، والتي استهدفت شخصيات نووية ومواقع حساسة في عمق الأراضي الإيرانية.

المعلومات التي حصلت عليها جهات استخباراتية غربية تشير إلى أن جهاز "الموساد" الإسرائيلي لم يعتمد فقط على الوسائل التقنية أو الطائرات المسيرة، بل فعّل خلايا نائمة كانت مزروعة داخل البلاد منذ أكثر من خمس سنوات، أُوكل إليها جمع بيانات ميدانية دقيقة، وتنفيذ ما يمكن وصفه بـ"الاختبارات الحية للجاهزية الإيرانية".

ووفقاً للمصادر، فإن الحملة لم تكن وليدة الأيام الأخيرة، بل تم التحضير لها عبر "مراحل تراكمية"، تخللتها عمليات تشتيت وتشويش معلوماتي ساهمت في إرباك التقديرات الإيرانية بشأن التوقيت الحقيقي للهجوم.

إحدى الأدوات التي لفتت الانتباه في هذه الحملة الاستخباراتية، كانت تطبيقات هواتف محمولة محملة ببرمجيات مراقبة تم تحميلها على أجهزة مسؤولين إيرانيين بارزين، ما مكّن الجانب الإسرائيلي من تتبع تحركاتهم لحظة بلحظة، دون الحاجة إلى تدخل مباشر أو تقني مكشوف.

وفي واحدة من أكثر المراحل دقة، تم إرسال إشارات وهمية إلى منظومات الدفاع الجوي الإيراني بغرض استنزافها واستقراء رد فعلها، وهو ما ساعد وحدات التقييم الاستخباراتي على رصد الثغرات، تمهيداً للهجوم الحقيقي.

ورغم هيمنة الطابع التكنولوجي على المشهد، إلا أن تقارير أمنية حديثة تؤكد أن من وضع الخطط التفصيلية للهجوم كانوا مزيجًا من ضباط جيش الاحتياط وخبراء أمن سيبراني من القطاع المدني، في تعاون وصفه مصدر مطلع بأنه "نموذج فريد يطمس الفارق بين الحرب والعلم".

يُذكر أن الضربة الافتتاحية استهدفت مواقع في أكثر من 4 محافظات إيرانية، من بينها منشآت قريبة من فوردو وأصفهان، بينما توزعت بقية الضربات على أهداف متنقلة شملت مركبات يُشتبه في حملها لمكونات من برامج التخصيب.

في طهران، جاءت ردود الفعل متخبطة. فبينما قللت بعض التصريحات من حجم الاختراق، أطلقت وزارة الداخلية تحذيرات علنية للمواطنين من "التفاعل مع محتوى رقمي مشبوه"، ما فُسّر على أنه إقرار ضمني بوجود اختراق أمني فعلي.

وفي الوقت ذاته، أظهرت وثائق أمنية مسربة أن مسؤولين إيرانيين حذروا من "صعوبة تمييز الطائرات الصغيرة المعادية داخل المجال المدني"، في إشارة إلى قدرة إسرائيل على التغلغل دون خوض اشتباك مباشر.

ما بعد الضربة.. هل انتهت اللعبة؟

ورغم أن الهجوم لم يسفر عن شل كامل للبنية النووية الإيرانية، إلا أنه أرسل رسالة واضحة: اليد الطويلة للموساد لم تفقد دقتها، وأن الحرب أصبحت أقرب لما يُدار في الظل منها إلى ميادين القتال التقليدية.

وبينما تحتفي الأوساط العسكرية في تل أبيب بما تسميه "تفوقًا استخباراتيًا ناعمًا"، حذر خبراء استراتيجيون من أن "نجاحًا كهذا قد يُغري بمزيد من التصعيد"، في وقت لم تُحسم فيه معركة النفوذ النووي في المنطقة.