الكاتب الصحفي خيري حسن يكتب: موت "أسمهان" بين "القيل والقال"..ولماذا أخفي "فريد" إسم "الوزير" صاحب مسرح الجريمة
عندما عاد فريد الأطرش إلى بيته فتح له خادمه الباب وقال وهو يبكى:" الست أسمهان ماتت يا سي فريد"! فسقط فريد الأطرش على الأرض.
كان الحادث قد وقع صباح يوم الجمعة 14 من يوليو 1944 بالقرب من مدينة المنصورة شمال القاهرة. وقيل - والبعض مازال يقول - أن الذى دبر الحادث هو الملك فاروق...وقيل الإنجليز..وقيل الفرنسيون..وقيل الألمان.. بل إن الخيال - الشعبى لدى البعض - قال إن الذى دبر الحادث هى الست أم كلثوم! .
عشرات القصص، ومئات الحكايات، وأسئلة كثيرة بلا إجابات ظلت - ومازالت - عالقة فى الأذهان رغم أن شقيقها الفنان فريد الأطرش فى اعترافات صريحة، وواضحة، وحاسمة، وقاطعة، له صدرت بعد وفاتها - تكررت حتى وفاته عام 1974 - أكد فيها ما هو عكس ذلك تماماَ. لكن الخيال الشعبي كان - ومازال - كلما استمع إلى صوتها أو رأى صورتها - يكرر نفس السؤال( مَنْ الذى قتل أسمهان)؟!
"بتقول إيه يا عم عبده"
يرد الرجل وهو يبكى:" الست أسمهان ماتت يا سي فريد"! فريد الأطرش الآن فى بيته يحاول أن يتماسك، وأن يعرف الحقائق. أمسك بالهاتف ( قدمه له الخادم وهو مازال يبكى ) وتحدث إلى صديق اسمه حسنى نجيب فى الاستوديو قائلاً:
" أسمهان ماتت يا نجيب"!
-- رد فى محاولة للتخفيف عنه:" ولماذا تقدر أنها ماتت يا فريد..الذين أبلغوك أمر موتها لم يروها"!
-- رد فريد:" ماذا تقصد؟
قال حسنى نجيب:" خذ سيارتك وأذهب إليها الآن..( حسنى نجيب كان يعرف أنها ماتت لكنه أرد ألا يفجعه بالخبر دفعة واحدة) لترى بنفسك!
استقل فريد الأطرش سيارته التى قادها بسرعة جنونية حتى وصل لمكان الحادث. وعن هذه اللحظة يقول:" عندما وصلت وجدت جثتين تحت لحاف مهترئ ( اللحاف جاء به أحد المزارعين من بيته القريب ) الأولى أسمهان والثانية كانت لمارى قلادة صديقتها وسكرتيرتها فى نفس الوقت. لقد تلازمتا فى الحياة وتعانقتا إلى القبر"!
نزل فريد من السيارة بصعوبة، ترجل ببطء حتى اقترب من الجثة..تراجع قليلاً...ثم اقترب قليلاً.. ثم وقف مكانه ينظر حوله.. يقول:" عند المكان الذى وقعت فيه الحادثة توجد أرض أحد الوزراء - لم يذكر اسم الوزير - من ذوى السطوة والسلطان قد أراد أن تمر من الترعة( التى سقطت فيها السيارة ) ماسورة ضخمة تحمل الماء إلى أرضه. قبل أيام من الحادث حفر العمال فجوة فى الطريق - من أجل إدخال الماسورة - لهذا الغرض وبالفعل ثبتوا الماسورة تحت أرض الطريق وردموا جزءا يسيرا منه يكفى بالكاد لتمر من فوقه السيارة - أى سيارة بالطبع - وكان عدد السيارات قليل فى ذلك الحين - أما باقى الطريق فمازال فيه حفرة كبيرة ليس فوقها أو أمامها أو خلفها أى اشارات تحذير من الاقتراب خشية سقوط القادم فيها.
ولحظة الحادث اقتربت سيارة أسمهان من الحفرة الكبيرة. السيارة مسرعة.. والسائق فوجئ بالموقف أمامه، فحاول تفادى الحفرة حتى لا يسقط فيها فأدار عجلة القيادة بكل قوته إلى الناحية الأخري فسقطت السيارة فى الترعة بقوة رهيبة. هرع عدد كبير من المزارعين الذين كانوا فى حقولهم منذ الصباح وحاولوا إنقاذ من فى السيارة - السائق نجا بنفسه - لكن المحاولات باءت بالفشل وماتت أسمهان وصديقتها".
كانت هذه هو الصورة التى رآها فريد الأطرش عندما وصل بنفسه إلى موقع الحادث..وسط جمهرة من المزارعين الذين هرعوا إلى المكان.
وفى كل عام يتكرر السؤال وفى كل مرة كان يرد فريد الأطرش قائلاً:" ثارت أسئلة كثيرة بعد موت أسمهان.. هل قتلوها؟ ولماذا قتلوها؟ ومن الذين قتلوها؟ لكن الحقيقة المؤكدة - وكنت أول من وصل إلى موقع الحادث - التى آمنت بها - أن أحداً لم يقتل أسمهان..إنها إرادة الله..والقضاء والقدر"!
ورغم ذلك الاعتراف وذلك التأكيد من فريد عن ملابسات الحادث، ومسرح الجريمة؛ إلا أن السؤال- بسبب الخيال الشعبي الجامح - كان وسيبقي دائماً مطروحاً...( مَنْ الذى قتل أسمهان)؟! هل المخابرات الإنجليزية أَمْ الفرنسية أَمْ الألمانية أَمْ الملك فاروق أَمْ الست أم كلثوم؟!
•• الأحداث حقيقية.. والسيناريو من خيال الكاتب.
•• المصادر:
• كتاب : لحن الخلود - فريد الأطرش - ذكريات - فوميل لبيب - طبعة دار الشروق - 1975.
•كتاب:" أسمهان ..لعبة الحب..والمخابرات - سعيد أبو العينين - كتاب أخبار اليوم - 1996.
• الصور:
غلاف مجلة الراديو المصري سنة 1940(أسمهان) و(فريد الأطرش).