نور التلباني تكتب: السير مجدي يعقوب أسطورة الطب والقلب الكبير

يناير 14, 2025 - 12:10
يناير 14, 2025 - 15:44
نور التلباني تكتب: السير مجدي يعقوب أسطورة الطب والقلب الكبير

في عالم مليء بالإنجازات العلمية والطبية، يبقى اسم السير مجدي يعقوب رمزًا للتفاني الإنساني والعطاء الذي لا يعرف حدودًا. هو ليس فقط جراح قلب عالمي، بل قصة نجاح مُلهمة تعبّر عن ما يمكن أن يحققه الإنسان حين يضع العلم والإنسانية فوق كل اعتبار.

وُلد مجدي يعقوب في مدينة بلبيس بمحافظة الشرقية عام 1935، لعائلة قبطية أرثوذكسية كانت تحترم العلم وتقدّره. تأثّر بوفاة عمته نتيجة إصابتها بمرض في القلب، ما جعله يقرر منذ طفولته أن يكرّس حياته لعلاج أمراض القلب.

درس الطب في جامعة القاهرة، وتدرّب في مستشفيات مصر قبل أن يسافر إلى بريطانيا ليبدأ رحلته العالمية في مجال جراحة القلب. في وقت كانت فيه جراحة القلب لا تزال في بداياتها، تحدّى يعقوب كل الصعاب ليصبح أحد روّادها.

إنجازات لا تُحصى

السير مجدي يعقوب ليس مجرد طبيب، بل مؤسسة قائمة بذاتها. قدّم أكثر من 25 ألف عملية جراحية ناجحة، منها حالات مستحيلة كُتب لها الحياة بفضل مهاراته الفائقة. أسّس مركز "هيرفيلد" لأمراض القلب في بريطانيا، وواصل أبحاثه التي أحدثت ثورة في زراعة القلب.

في عام 2008، أسّس مؤسسة مجدي يعقوب للقلب في أسوان، وهي واحدة من أعظم إنجازاته، حيث تُقدّم خدمات طبية مجانية لمرضى القلب من الأطفال والكبار، خصوصًا الفئات الأكثر احتياجًا. المركز ليس مجرد مستشفى، بل أكاديمية علمية تُخرّج أجيالًا من الأطباء.

مجدي يعقوب الإنسان 

ما يميز يعقوب ليس فقط مهارته الجراحية، بل إنسانيته التي تتجلى في كل خطوة من مسيرته. فهو يرى أن الطب ليس مهنة، بل رسالة. لا يهتم بجنسية المريض أو دينه، بل يضع حياته وصحته أولًا. حين تتحدث إليه، تشعر أن أمامك إنسانًا يعيش ليمنح الآخرين الحياة.

التكريمات والجوائز

منحه العالم ألقابًا وجوائز لا تُحصى، منها وسام الاستحقاق البريطاني ولقب "فارس" من الملكة إليزابيث. لكن أعظم تكريم له هو الابتسامة التي يرسمها على وجوه المرضى وذويهم.

إطلاق اسمه على صالة كبار الزوار بمطار أسوان الدولي

تكريمًا لهذا الرمز الإنساني، تم إطلاق اسم الدكتور مجدي يعقوب على صالة كبار الزوار بمطار أسوان الدولي. هذه المبادرة ليست مجرد تكريم لشخصه، بل هي اعتراف من الدولة بدوره الكبير في خدمة الإنسانية، وإشارة إلى الامتنان لشخص أعطى العالم الكثير دون انتظار المقابل.

رسالة حب وأمل

مجدي يعقوب هو رسالة حية بأن العلم والإنسانية يمكن أن يغيرا العالم. إنه ليس فقط طبيبًا للقلب، بل "طبيب القلوب" بمعنى الكلمة. حياته تلهمنا بأن العطاء بلا حدود هو أرقى درجات الإنسانية.

ختامًا، مجدي يعقوب ليس مجرد شخصية عظيمة في تاريخ الطب، بل أسطورة تستحق أن تُحكى للأجيال القادمة. هو نموذج حي لما يمكن أن يحققه الإنسان حين يضع قلبه وعقله في خدمة الآخرين.