مصطفى صلاح يكتب: «نهال طايل» عندما يصبح الإعلام رسالة وقلبًا نابضًا بالإنسانية

Mar 9, 2025 - 18:00
مصطفى صلاح يكتب: «نهال طايل» عندما يصبح الإعلام رسالة وقلبًا نابضًا بالإنسانية

في زمن أصبح فيه الإعلام ساحةً للتسابق على الأضواء، تظل هناك أسماء قليلة استطاعت أن تحافظ على رونقها وأصالتها، وأن تجعل من الشاشة رسالةً تحمل النبض الحقيقي للمجتمع. واحدة من هذه الأسماء التي تستحق التقدير والإشادة هي الإعلامية المتألقة «نهال طايل»، التي استطاعت أن تصنع فرقًا حقيقيًا في حياة الكثيرين من خلال برنامجها الإنساني الهادف «تفاصيل».

ليست مجرد إعلامية تجلس أمام الكاميرا لتقديم الأخبار أو مناقشة القضايا، بل هي صوتٌ صادقٌ يعبر عن آلام الناس، ومرآةٌ تعكس واقعهم دون تزييف أو تجميل. منذ اللحظة الأولى التي أطلت فيها «نهال» على الشاشة، أدرك الجميع أنهم أمام شخصية مختلفة، شخصية لا تبحث عن الإثارة الرخيصة، ولا تسعى خلف التريندات الزائفة، بل تقدم محتوى يلمس القلب والعقل في آنٍ واحد.

عندما أطلقت «نهال طايل» برنامجها «تفاصيل»، لم يكن مجرد برنامج حواري عادي يمر مرور الكرام على المشاهدين، بل كان بمثابة نافذة تُفتح على قضايا إنسانية حقيقية، على أحلام مؤجلة، وصرخات مكبوتة تحتاج من يسمعها بإنصات. حلقة بعد حلقة، أثبتت «نهال» أنها ليست مجرد مذيعة، بل صاحبة رسالة، تسعى جاهدةً لأن تكون صوتًا لمن لا صوت لهم.

في إحدى الحلقات، التقت بعائلة تكافح المرض والفقر معًا، ولم تكتفِ فقط بعرض قصتهم، بل كانت سببًا في تغيير واقعهم إلى الأفضل. وفي حلقة أخرى، أعادت الأمل لشاب كان على حافة الانهيار بعد أن فقد كل شيء، فقط لأنه وجد أخيرًا من يسمعه ويمنحه فرصة جديدة. هذه ليست مجرد قصص تُروى أمام الكاميرات، بل حياة تُعاد كتابتها من جديد، بفضل إنسانة عرفت أن الإعلام الحقيقي هو ذاك الذي يصنع فارقًا في حياة الناس.

ليس من السهل أن تبقى في قلوب المشاهدين، وليس من السهل أن تحافظ على مصداقيتك وسط زحام البرامج المتشابهة. لكن «نهال طايل» فعلتها، لأنها كانت دائمًا صادقة، بسيطة، قريبة من الناس وكأنها واحدة منهم. لم تكن يومًا متكلفة، ولم تسعَ وراء الظهور البراق الخالي من الروح، بل كانت – وستظل – إعلامية تشعر قبل أن تتحدث، وتفكر قبل أن تحكم، وتضع قلبها في كل كلمة تخرج منها.

تمتلك «نهال طايل» ثقافةً واسعة تجعلها قادرة على إدارة أي حوار بحرفية وذكاء، فتمنح ضيوفها المساحة للتعبير، لكنها في الوقت ذاته تمتلك القدرة على قيادة الحديث بحنكة ودون تصنع. قدرتها الفائقة على الاستماع، وتحليل الأمور بعمق، جعلت منها محاورة بارعة، لا تكتفي بالسؤال، بل تغوص في التفاصيل لتصل إلى الجوهر الحقيقي لكل قضية تناقشها. هذه الثقافة العالية هي التي منحتها القدرة على تقديم محتوى ثري بعيد عن السطحية، وجعلت من برنامجها منبرًا يُحسب له ألف حساب.

اليوم، وبعد سنوات من العطاء الإعلامي، يمكننا القول بثقة إن «نهال طايل» ليست مجرد إعلامية ناجحة، بل نموذج يُحتذى به في كيف يكون الإعلام قوة ناعمة تحرك المشاعر، وتبني الوعي، وتُعيد الأمل لمن فقدوه.

إنها ليست فقط مقدمة برنامج، بل هي الحكاية التي تسرد تفاصيلها بعيون من عاشوها، والقلب الذي يشعر بنبض الشارع، والصوت الذي لا يخشى قول الحقيقة مهما كان الثمن. وفي عالمٍ يموج بالضجيج، تبقى «نهال» ذلك الصوت المختلف، النقي، الصادق، الذي يمنح الإعلام قيمته الحقيقية، ويجعلنا نؤمن أن الخير لا يزال موجودًا، ما دام هناك من يحملون رسالته بصدق وإخلاص.