حنان شوقي تكشف في حوار خاص: هل انتهت سيطرة المتحدة على الدراما المصرية؟

يناير 21, 2025 - 12:04
يناير 21, 2025 - 12:13
حنان شوقي تكشف في حوار خاص: هل انتهت سيطرة المتحدة على الدراما المصرية؟

كتبت: أسماء الحديدي

في عالم الفن نجد الكثير من الأسماء التي أثرت وجدان الجمهور وأثرت في مسيرة الفن العربي. واحدة من أبرز تلك الأسماء التي تركت بصمة مميزة في السينما والتلفزيون والمسرح هي الفنانة حنان شوقي. صاحبة الأداء الرفيع والقدرة على تجسيد الشخصيات المتنوعة ببراعة، كانت ولا تزال محط إعجاب الجمهور والنقاد على حد سواء. في هذا اللقاء مع نبض الخبر، نقترب أكثر ونكتشف معاً رحلتها في عالم الفن، وكيف ترى حالته اليوم، وما الذي يجعلها تختار الأعمال التي تشارك فيها. سنحاورها عن تجربتها الطويلة التي تخللتها العديد من النجاحات والتحديات، ونستمع إلى رؤيتها حول الفن والدراما المصرية، وكيفية التعامل مع التغيرات التي يشهدها هذا المجال في وقتنا الراهن.

هل يعود قطاع الإنتاج بالتليفزيون المصري في عهد المسلماني؟

أجابت: لا

هل تطور الإنتاج في التلفزيون المصري في السنوات الأخيرة؟

"في تراجع جامد جداً. أنا بحزن لما بدخل التلفزيون المصري لأنه كان قائد الدراما المصرية في الوطن العربي كله. وأنا عايزة الإدارة ترجع زي زمان، زي ما كانت في قطاع الإنتاج بينتج والتلفزيون بينتج، وكان كله تحت مسمى إنتاج الإذاعة والتلفزيون. ولازم ترجع الدراما تاني، وتتفتح الاستوديوهات المقفولة اللي لو جينا نفتحها دلوقتي هتتكلف ملايين علشان يتعمل زيها."

"ومبنى الإذاعة والتلفزيون خرج أكبر فنانين ومخرجين ومؤلفين وسيناريست. ما ينفعش يتقفل ده تاريخ بلد. ولازم يرجع كما عهده السابق لأنه ليس مبنى عادي، إنما هو تاريخ بلد. وكل مكان في مبنى الإذاعة له ذكرى، هنا غنت أم كلثوم، وهنا غنت شادية، وهنا نجلاء فتحي مثلت، وهنا عادل إمام مثل وهنا مسلسل ألف ليلة وليلة اتعمل، وليالي الحلمية، ورأفت الهجان. مسلسلات لها قيمة راسخة في قلوب الناس. ده تاريخ لازم يرجع. قطاع الإذاعة والتلفزيون لازم يرجع كما كان في رونقه السابق. وبلد زي مصر إعلامها قوي جداً. ومبنى الإذاعة كان مسؤول عن النشرة الإخبارية، وعن البرامج، وعن الدراما، ما كانش مبنى عادي. وللأسف، أنا لا أعتقد أن هناك حالياً إنتاجاً للإذاعة والتلفزيون، وأن الإنتاج يكون من الخارج."

هل لاحظتي تغييرات في الأعمال التي تعرض على الشاشة المصرية، هل تواكب الذوق العام أم لا؟

"الذوق العام إحنا اللي بنقرره، والذوق العام بيبدأ من الشاشة. والشاشة دلوقتي متلخبطة، وبالتالي الذوق العام هيكون متلخبط. ولو الشاشة سوية هتلاقي الدراما حلوة، لأن الشاشة بيتفرج عليها جميع فئات المجتمع."

كيف ترى الوضع الحالي للسينما والتلفزيون في مصر مقارنة بالماضي؟

"إحنا بننزل مش بنطلع، إلا من رحم ربي. ما ينفعش أدور في كل الأعمال عشان ألاقي عمل واحد! لا، الإنتاج لازم يكون فيه قوة. لأن مصر هي القاعدة العريضة التي يُتَّخذ منها قدوة. هي منبر الثقافة ومنبر الدراما والسينما في الوطن العربي. ما ينفعش. أنا أول ما طلعت في التسعينات، كان بينتج حوالي 500 فيلم في السنة، وكان وقتها يُقال إن فيه تراجع. دلوقتي الإنتاج السينمائي يكون في السنة خمسة أو ستة أفلام. طبعاً ده قليل جداً."

"والسينما كانت دخل قومي لمصر ولكن تم إهمال هذا الجانب، ولابد من إدارة جيدة."

ما التحديات التي يواجهها الفنانون والمخرجون في ظل الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في مصر؟

"زي التأليف والكتابة والسيناريوهات، وتناول المواضيع والإخراج. وطبعا كل واحد لازم يكون في دوره، مينفعش أجيب حد وأحطه في دور مش بتاعه بس علشان أظهره. وهي عموماً منظومة كاملة متكاملة."

هل لديكي عمل فني ترك أثر خاص إلى الآن؟

"أن كل أعمالي مؤثرة فيا وبالتالي عملتها. وأغلبية أعمالي عملتها من قلبي، وبالتالي واخدة جزء من قلبي لذلك عملتها. ولو ما كنتش كده ما كنتش عملتها."

ما سبب ابتعادك عن الساحة الفنية لفترة؟

"أنا معرفش أعمل أي حاجة حتى لا يلومني جمهوري ليه عملت الدور ده. ما قدرش أعمل أي دور. العمل لازم يدخل قلبي، ما يهمنيش المدة اللي هتوقف فيها، لازم العمل يدخل قلبي، واشوف هيعيش ولا هيموت، ولازم يكون عاجبني وراضيه عنه. والعمل الحقيقي مهما يتعاد تلاقي الناس حباه وتتفرج عليه وأنا عموماً بحب التلفزيون والمسرح والسينما والإذاعة كلهم."

هل هناك مواضيع تفتقر الطرح الجاد في التلفزيون والسينما؟

"إحنا دلوقتي بقينا بنحب المواضيع المشطشطه الحاجات اللي نسبتها ضئيلة في المجتمع بنعمل عليها سبوت ونركز عليها والناس يفتكروا أن مصر كلها هي الواحد في المية دي. إحنا للأسف بعيدنا عن لغة القلب والروح جداً. إحنا بقينا بنجري وراء الحاجات السريعة اللي مش بتدوم. في مواضيع بتستمر للأبد. والعمل الفني سواء كان عمل فني أو مزيكا، لو مأثرتش في وجدانك، بتكون ملهاش لازمه."

"وفيه ناس للأسف بتفتكر أن الفن تسلية، لا الفن رقي، رقي شعوب. عمر الفن ما كان تسلية، الفن رسالة سامية جداً. أنت ممكن تتفرج على موضوع في السينما يغير حالك وتفكيرك، وأساليبك في التعامل، ولكن الفن ليس تسلية، والممثل ليس وظيفته يسلّي الناس. فريد شوقي وفاتن حمامة غيروا قوانين في الأحداث وقوانين للمرأة، وهذه الفئة من الناس اللي بتعتقد كدا بتكون غير مثقفة."

"للأسف إحنا بقينا في حال سيء جداً."

في رأيك هل التلفزيون المصري في عهد المسلماني شهد طفرة في الإنتاج أو قد تم تجديده بشكل ملحوظ؟

"الأستاذ أحمد المسلماني له مني كل الحب والإحترام والتقدير، وهو شخصية محترمة جداً. ولكن أنا أشعر أنهم ضغطوه في هذا المنصب، وهي مش وظيفة أروح أمضي وأمشي، لا أنا فعلاً قلبي معاه ولكن كم مسلسل أنتج في عهده؟ أنا معرفش."

وأضافت أيضاً: "كنت في سهرة رأس السنة في إذاعة الشباب والرياضة، وكنت على الهواء في مبنى الإذاعة والتلفزيون، ولا تتخيل إحساسي وأنا داخلة من مبنى الإذاعة والتلفزيون. وافتكرت أنه كان في الماضي ممتلئ بالناس وكان مزدحم جداً، وكل الاستوديوهات شغالة، ولم يكن ممثل واحد قاعد في بيته. إنما دلوقتي للأسف، المتحدة تحس أنهم مضيين مع مجموعة فنانين ودول اللي شغالين كل سنة. وفيه فنانين محترمين قاعدين في بيوتهم، ومصورين وعمال كهرباء مش شغالين المنظومة كلها فيه ناس مش شغالة، وأنا حزينة من كل قلبي على مبنى الإذاعة والتلفزيون."

وأضافت قائلة: "وافتكرت وأنا داخلة مبنى الإذاعة والتلفزيون وأنا في رابعة ابتدائي مع الأستاذة ابله فضيلة. فحياتي في هذا المبنى، ومش أنا لوحدي فنانين كتير كدا ولكن هذا المبنى له تاريخه وله هيبته. لماذا يُهمل بهذا الشكل؟"

واكملت قائلة: "تحضر البلاد بيبان من ثقافتها، ومصر سباقه للثقافة والفن. لازم حد يكون فاهم إن الفن رسالة، ولازم وجود رقابة على الشاشة وعلى الكلمات التي تُعرض. للأسف بقينا نسمع ألفاظ مينفعش تتقال على الشاشة، فين الرقابة على الألفاظ دي والعمل الفني يوضح ثقافة وشعوب البلاد، وبيعطي صورة سواء جيدة أو سيئة عن البلد. ولضرب البلد نضرب فنها وثقافتها."

"والإعلام للأسف بياخد نماذج من السوشيال ميديا. الناس بتعمل فيديوهات مستفزة، عشان يطلعوا في البرامج. وللأسف جداً، بقى فيه استسهال واستعباط واستخفاف بعقل المشاهد. ناس تعمل أي ترند وتطلع تقول أي كلام، والبرامج تطلعه على الشاشة، وفي ناس بتتعب على نفسها، وبيكون عنده موهبة حقيقية مش بيلاقي دعم. أما الأشخاص التافهين هي اللي بتظهر على الشاشات. لازم هنا نعمل وقفة." وأضافت: "الفنانين سفراء لبلدهم."

"في ختام حوارنا مع الفنانة حنان شوقي، نجد أنفسنا أمام نموذج فريد للفنانة التي تمزج بين الموهبة الحقيقية والوعي العميق بقيمة الفن كرسالة ووسيلة للتأثير في المجتمع. كلماتها تعكس حباً كبيراً للفن وإيماناً بدوره في الارتقاء بالذوق العام وترسيخ القيم الإنسانية. ورغم التحديات التي تواجهها الساحة الفنية اليوم، يبقى أملها في عودة الإبداع المصري إلى مكانته الرائدة قوياً. شكراً للفنانة حنان شوقي على هذا الحوار الملهم الذي أتاح لنا فرصة الغوص في أعماق تجربتها الفنية ورؤيتها الصادقة. الفن دائماً بحاجة إلى شخصيات تحمل شعلته، وحنان شوقي واحدة من هؤلاء الذين تركوا بصمتهم ولا يزالون يبذلون من أجل استمراره وإثرائه."