بين الجزارة والرسم: رحلة الرسامة «هبة مرسي» الملهمة

Feb 22, 2025 - 20:37
بين الجزارة والرسم: رحلة الرسامة «هبة مرسي» الملهمة

كتبت: نور التلباني 

في عالم مليء بالتحديات، هناك من يجد نفسه وسط الألوان واللوحات، يخلق الجمال من أبسط التفاصيل، ويحكي قصصًا بلا كلمات. هبة مرسي ليست مجرد رسامة، بل هي فنانة بروح حرة، ترى الحياة من زاوية مختلفة، وتعبر عن مشاعرها بلمسات فرشاتها الساحرة.

البداية.. موهبة تبحث عن طريق

منذ طفولتها، وجدت هبة مرسي نفسها منجذبة إلى الرسم، كانت تمسك القلم والفرشاة قبل أن تتعلم الكتابة، ترسم كل ما تراه حولها، وتحول الورق الأبيض إلى لوحات تنبض بالحياة. لم يكن الرسم مجرد هواية، بل كان طريقتها لفهم العالم والتعبير عن ذاتها.

وفي هذه الرحلة الفنية، كان والدها، رحمه الله، هو الداعم الأول لها. كان هو من علمها كل شيء عن الحياة والفن، ووقف إلى جانبها في كل خطوة. كان يربّيها على المسؤولية ويشجعها على متابعة شغفها، رغم التحديات التي كانت تواجهها. هو الذي أمدها بالقوة للاستمرار في طريقها، وأرشدها لتحقيق أحلامها.

الدعم الأبوي: قوة تشجيع والد هبة مرسي وإيمانه بها

كان والد هبة مرسي، رحمه الله، أكثر من مجرد أب؛ فقد كان صديقًا لها، رفيقًا في طريقها، وأمانًا في حياتها. كان يشجعها في كل خطوة تخطوها، ودائمًا ما كان يقف إلى جانبها بكل حنان ودعم. علمها كيف تواجه الحياة بحب وصبر، وعلمها أن القوة لا تكمن في الابتعاد عن التحديات بل في مواجهتها بحكمة وشجاعة. كان يحثها دائمًا على متابعة شغفها بالرسم، وكان يرى في كل لمسة فرشاتها قدرة على التعبير عن مشاعرها وأفكارها العميقة. كان يهتم برؤيتها تنمو وتحقق أحلامها، ويراعي تفاصيل حياتها اليومية، ويعلمها أهمية التوازن بين العاطفة والمسؤولية. والدها هو من زرع فيها الثقة بالنفس، وقوى عزيمتها لتستمر في طموحاتها الفنية وتواجه الحياة بحب وجمال.

ورشة فنية.. وتعليم الأجيال الجديدة

لم تتوقف هبة عند تطوير موهبتها الشخصية فقط، بل قررت أن تنقل خبرتها لغيرها، فأنشأت ورشة فنية تقدم فيها كورسات رسم للراغبين في تعلم هذا الفن. من خلال ورشتها، لم تكن تعلم الطلاب فقط تقنيات الرسم، بل كانت تشجعهم على التعبير عن أنفسهم بحرية، وتحفزهم على تطوير أسلوبهم الخاص.

كانت ترى أن الفن ليس مجرد مهارة، بل هو وسيلة للتعبير عن النفس، وكان هدفها الأساسي أن تساعد كل شخص على اكتشاف صوته الفني الفريد.

بين الفن والمسؤولية

ورغم شغفها الكبير بالرسم، لم تكن حياة هبة تدور حول الألوان فقط، فقد كانت تتحمل مسؤوليات كبيرة بجانب موهبتها. بعد وفاة شقيقها، وجدت نفسها في موقف صعب، حيث كان عليها أن تساعد والدها الراحل في أعمال الجزارة، المهنة التي ظلت لعقود مصدر رزق العائلة.

لم يكن الأمر سهلًا، لكنها واجهت التحدي بشجاعة، واستطاعت أن توازن بين عملها في الجزارة مع والدها، وشغفها بالرسم. كانت تؤمن أن القوة الحقيقية تكمن في القدرة على التكيف، وفي عدم التخلي عن الأحلام مهما كانت الظروف.

الفن كرسالة

بالنسبة لـهبة، الفن ليس مجرد ألوان على قماش، بل هو رسالة، قصة تُحكى بريشة ودمج ألوان. تعبر في لوحاتها عن مشاعر مختلفة، من الفرح والحب إلى الحزن والحنين، مما يجعل من يشاهد أعمالها يشعر وكأنه يعيش داخل اللوحة.

تقول هبة: "الرسم بالنسبة لي هو طريقة لفهم الحياة، كل لون له معنى، وكل تفصيلة في اللوحة تحكي جزءًا من القصة، حتى الفراغات تعبر عن شيء ما".

حلم لا يتوقف

تحلم هبة مرسي بأن يكون لها معرض فني خاص، تعرض فيه أعمالها وتشارك شغفها مع العالم. تؤمن أن الفن يمكنه تغيير القلوب والتأثير في الناس، ولهذا تسعى دائمًا إلى التطور وإيصال رسائلها من خلال لوحاتها.

بالإضافة إلى شغفها بالفن، هبة مرسي تعتبر الحيوانات جزءًا مهمًا في حياتها. تحب الكلاب والقطط، وتعتبرها مصدر سعادة وراحة نفسية. دائمًا ما تعبر عن حبها لهذه الكائنات الرقيقة، حيث تجد فيهم مزيجًا من البراءة والوفاء.

هبة مرسي ليست مجرد رسامة، بل فنانة تعيش داخل لوحاتها، ترسم الحياة كما تراها، وتمنح كل من يشاهد أعمالها فرصة لرؤية العالم من منظور جديد، مليء بالألوان والمعاني العميقة.