الفاتيكان يرفع مدخنة «الدخان الأبيض» تمهيدًا لانتخاب البابا الجديد خلفًا لـ فرنسيس

كتب: د. مجدي كامل الهواري
شهدت ساحة الفاتيكان صباح اليوم الجمعة تثبيت المدخنة التقليدية فوق سقف كنيسة سيستينا، في إشارة رمزية عالمية تسبق انطلاق مجمع الكرادلة المغلق لاختيار البابا الجديد خلفًا للبابا فرنسيس، الذي وافته المنية في 21 أبريل عن عمر ناهز 88 عامًا.
انتهى رجال الإطفاء من تركيب الأسطوانة المعدنية الدقيقة بعد الساعة التاسعة صباحًا، في عملية مرت بهدوء ودون ضجة على سطح الكنيسة، التي ستتحول في الأيام المقبلة إلى مركز أنظار العالم الكاثوليكي. فعندما يتصاعد منها الدخان الأبيض، سيكون ذلك إعلانًا رسميًا عن اختيار بابا جديد.
ورغم الزحام في الساحة، لم يلحظ كثيرون هذا الإجراء الفني، إلا أن الحجاج والسياح يدركون تمامًا مغزاه. تقول ديانا إسبيغو، المكسيكية المقيمة في الولايات المتحدة، لوكالة الأنباء الفرنسية: "إنها من أجل الدخان"، مشيرة إلى شعور غامر بالروحانية في هذه اللحظة الاستثنائية.
أما غلين أثرتون، الذي قدم من لندن، فاعتبر الموقف لحظة تاريخية لا تتكرر في العمر إلا مرة واحدة، مضيفًا: "إنه أمر مميز أن أكون في روما بعد أيام قليلة من وداع البابا الراحل".
وقد تمت دعوة 252 كاردينالًا من مختلف أنحاء العالم للمشاركة في المجمع، غير أن 133 منهم فقط، ممن تقل أعمارهم عن 80 عامًا، سيشاركون فعليًا في الاقتراع السري لاختيار الحبر الأعظم الجديد. وأوضح المتحدث باسم الفاتيكان، ماتيو بروني، أن عدد الناخبين يبلغ 135 كاردينالًا، لكن اثنين انسحبا لأسباب صحية، وهما الكاردينال جون نجوي من كينيا، وأنطونيو كانيزاريس لوفيرا من إسبانيا.
ونفى بروني ما تم تداوله عن تعرض الكاردينال بيترو بارولين، المرشح الأوفر حظًا لرئاسة المجمع، لأي وعكة صحية، مؤكدًا في مؤتمر صحفي أن هذا "غير صحيح على الإطلاق".
ومن المقرر أن تبدأ أولى جلسات التصويت يوم الأربعاء 7 مايو، حيث تُجرى عملية اقتراع أولى في الصباح، ثم تتوالى أربع جولات يومية بدءًا من الخميس، بواقع اقتراعين صباحًا وآخرين مساءً. ويُشترط انتخاب البابا بأغلبية الثلثين، أي ما لا يقل عن 89 صوتًا.
وفي حال عدم التوصل إلى اتفاق بعد ثلاثة أيام، يتوقف التصويت ليوم واحد تُخصص فيه الصلوات والتأملات، قبل استئناف الاقتراع من جديد حتى التوافق على اسم البابا المقبل.
وفي موازاة التصويت، يعقد الكرادلة جلسات مغلقة صباحية تُعرف بـ"المجامع العامة"، لمناقشة قضايا جوهرية تهم الكنيسة. وقد شهدت جلسة اليوم الثامنة حضور أكثر من 180 كاردينالًا، بينهم 120 من أصحاب حق التصويت، وفقًا لبيان بروني، الذي أكد كذلك أن أربعة ناخبين في طريقهم إلى روما.
وتطرقت النقاشات إلى موضوعات جوهرية، أبرزها الحاجة إلى وحدة الكنيسة، ومواجهة شهادات مضادة تتعلق بانتهاكات جنسية وفضائح مالية، إلى جانب مستقبل الطقوس الدينية.
من جانبه، صرّح الكاردينال غريغوريو روزا شافيز من السلفادور قائلاً: "الكنيسة في حالة صلاة... لكن يجب أن تكون مستعدة للمفاجآت. تذكروا ما حدث مع انتخاب فرنسيس. يا لها من مفاجأة!".
وكان انتخاب فرنسيس في 13 مارس 2013 مفاجئًا للجميع، إذ لم يكن من بين الأسماء الأوفر حظًا آنذاك. اليوم، يبدو أن الفاتيكان يفتح أبوابه من جديد على مفاجأة أخرى قيد التبلور، في وقت يعكس تعدد الجنسيات والانتماءات الجغرافية للكرادلة رغبة في اختيار بابا يعبر عن روح كاثوليكية عالمية.