السفير د . عادل عيد يوسف يكتب : دولة فلسطين الجديدة

غزة اليوم ليست فقط مدينة مدمرة تحتاج إلى إعادة بناء، بل شعب محطم، كرامته مهانة، حقوقه مهدورة، وهويته معلقة بين النسيان والصراع. ليس الأمر مجرد إسمنت وحديد يعاد تشييده، بل إنسان فلسطيني يحتاج إلى إعادة الإعمار النفسي، والاجتماعي، والاقتصادي، والسياسي. هذا هو التحدي الأكبر، وهذه هي المعركة الحقيقية.
- إعادة بناء الأرض، وإعادة بناء الإنسان .
لو توقف القتال غدا" ، لو وُضِعت الأسلحة جانبا، لو انسحبت كل الأطراف من المشهد، فهل هذا يعني أن المشكلة انتهت؟ لا، بل تبدأ معركة أصعب: معركة الإدماج، والتأهيل، والمصالحة.
• طفل كبر في المخيمات لا يرى مستقبلا إلا عبر البندقية، كيف نقنعه بأن مستقبله في الكتاب والعمل؟
• شاب لم يعرف سوى الاحتلال والجوع والتهجير، كيف نقنعه بأن الحل في الاقتصاد وليس في الحرب؟
• امرأة فقدت كل شيء، كيف نجعلها تؤمن بأن العالم لا يزال فيه عدالة وإنسانية؟
- فلسطين كدولة جديدة: الميلاد أم الفشل؟
اليوم، العالم يقف أمام نقطة تحول. قيام دولة فلسطينية أصبح مسألة وقت، وليس مجرد حلم، ولكن السؤال الحقيقي:
• هل ستكون فلسطين دولة متجددة و منفتحة على المستقبل، أم مجرد امتداد لصراعات الماضي؟
هل ستكون دولة تستثمر في التعليم، التكنولوجيا، والاقتصاد، أم ساحة جديدة للدمار والانتقام؟
• هل سيتم دمج الفلسطيني في المجتمع الدولي كمواطن فعال، أم سيظل محاصرا" بعزلة سياسية واقتصادية تدفعه نحو مزيد من الغضب والإحباط؟
- ما بعد الحرب : بناء اقتصاد يُنهي الحاجة للسلاح
العالم يجب أن يفهم أن إعادة الإعمار ليست فقط مدنا وشوارع، بل اقتصاد" يشد الناس بعيدا عن التطرف، و نظاما" تعليميا" يبني العقول بدلاً من أن يحرقها بالصراع. فلسطين الجديدة يجب أن تكون مركزا" اقتصاديا"، تكنولوجيا"، وثقافيا"، تستقطب الاستثمارات، وتجذب العقول، بدلاً من أن تظل بقعة معزولة تنتج مزيداً من الألم و المآسي.
- الاندماج بدل الانتقام.. والمستقبل بدل الماضي
إن لم يجد الفلسطيني مكانا" طبيعيا" في العالم، سيبحث عن طريقة ليأخذ هذا المكان بالقوة. إن لم يجد اقتصاد" يحميه، سيجد أيديولوجية تحركه. إن لم يجد فرصا"، سيبحث عن ثأر. هذه ليست فلسفة، بل حقيقة تاريخية تعلمناها من جميع الصراعات حول العالم.
لذا، ما الحل ؟ الحل ليس فقط في إنهاء الحرب، بل في صناعة السلام، في بناء الإنسان الفلسطيني، وإعادة تعريف دوره في المجتمع الدولي. فلسطين يجب أن تبنى على رؤية، لا على أنقاض، وإلا فإن العالم كله سيدفع ثمن جولة جديدة من العنف لن تنتهي أبداً.