مصطفى صلاح يكتب: صانع النجاحات ومهندس التفاصيل.. كيف غير عمرو كمال شكل البرامج التليفزيونية؟

حين تلتقي بشخص مثل عمرو كمال، تدرك على الفور أنك أمام عقل مختلف، أمام شخصية لا تشبه غيرها في عالم الإعلام، أمام رجل صنع نجاحه بموهبته، ورسم طريقه بإبداعه، حتى أصبح اليوم أحد أبرز صناع المحتوى التليفزيوني في مصر والوطن العربي.
عرفت عمرو كمال منذ أكثر من 15 عامًا، عندما كان السكرتير الخاص لوزير الإعلام الأسبق أنس الفقي، تلك الفترة التي شهدت نهضة حقيقية في التليفزيون المصري، وكان هو أحد الجنود المجهولين وراء هذا النجاح. لم يكن مجرد سكرتير يؤدي مهامه الإدارية، بل كان حاضرًا في كواليس القرارات المهمة، يدرك كيف يُصنع المحتوى الجيد، وكيف تتحول الأفكار إلى برامج ناجحة تخطف قلوب المشاهدين.
كان شابًا طموحًا، يمتلك فكرًا مختلفًا ورؤية لا تعرف الحدود، لا يرضى إلا بالتميز، ولا يقبل بأن يكون جزءًا من منظومة روتينية، بل كان يسعى دائمًا إلى التطوير، والتجديد، وصنع الفارق. لم يكن مجرد مسؤول، بل كان مهندسًا للإبداع، يرسم كل تفصيلة بدقة، ويضع لمساته في كل مشروع يشارك فيه.
عندما تنظر إلى البرامج التي نجحت في تلك الفترة، ستجد أن عمرو كمال كان أحد العقول التي صنعت هذا النجاح. كان وراء العديد من البرامج التليفزيونية التي أصبحت جزءًا من ذاكرة المشاهد المصري، بأسلوبه المختلف، وحرصه على تقديم محتوى يحمل الجودة، والعمق، والمتعة في آنٍ واحد.
لم يكن نجاحه لحظيًا، بل كان رحلة طويلة من العمل والاجتهاد، حتى أصبح اليوم مدير عام البرامج بشركة سينرجي، وهي الشركة التي صنعت طفرة في الإنتاج التليفزيوني، ورفعت سقف التوقعات في عالم البرامج، ليصبح كل عمل يحمل اسمها علامة على الجودة والإبداع.
عندما تشاهد برنامجًا مثل "سهرانين" للنجم أمير كرارة، تدرك على الفور أن هناك عقلًا مبدعًا يقف خلف الكواليس، يصنع من كل حلقة تجربة خاصة، تختلف عن أي برنامج حواري آخر. لم يكن مجرد لقاء يجمع النجوم، بل كان حالة من الحيوية، والمرح، والإبداع البصري، والحوارات العفوية التي جعلته الأقرب إلى قلوب المشاهدين.
أما برنامج "أنا وبنتي"، الذي قدمه الفنان شريف منير وابنته أسما، فقد كان نموذجًا للبرامج التي تحمل الدفء الإنساني والبساطة الجميلة. لم يكن مجرد برنامج حواري، بل كان مساحة للحوار بين الأجيال، بين الأب وابنته، بين الأفكار المختلفة، في جو من الحميمية والتلقائية التي جعلت منه تجربة مميزة ومحبوبة.
ثم يأتي برنامج "قهوة أشرف" مع النجم أشرف عبد الباقي، الذي كسر كل القوالب التقليدية، وقدم محتوى بسيطًا، خفيفًا، لكنه ممتع وقريب من الناس. استطاع أن يخلق أجواءً تشبه جلسات الأصدقاء، دون تصنّع أو رسميات، وكان ذلك جزءًا من فلسفة عمرو كمال في اختيار برامجه، حيث يبحث دائمًا عن ما يشعر المشاهد بأنه قريب منه، جزء من حياته اليومية، وليس مجرد عرض على الشاشة.
ما يميز عمرو كمال أنه لا يعمل بعقلية المدير، بل بروح الفنان، لا يترك أي تفصيلة للصدفة، بل يدقق في كل عنصر، من الفكرة إلى التنفيذ، إلى طريقة التصوير، والموسيقى، والإخراج، وكل تفصيلة صغيرة تصنع الفارق. هو رجل يعرف كيف يصنع النجاح، كيف يختار الفكرة المناسبة، وكيف يحولها إلى منتج نهائي يخطف انتباه المشاهدين.
رحلته في عالم الإعلام لم تكن سهلة، لكنها كانت حقيقية ومليئة بالإصرار، والجهد، والعمل المستمر. لم يعتمد على الصدفة، بل كان دائم البحث عن الأفضل، الأجمل، الأذكى، الأكثر تأثيرًا. لم يكن مجرد صانع برامج، بل كان صانعًا للحظات التي تبقى في ذاكرة المشاهدين، ومهندسًا للنجاح الذي لا يأتي بسهولة.
عندما أنظر اليوم إلى مسيرته، وكيف بدأ من شاب طموح في كواليس الإعلام، إلى أحد أهم صناع المحتوى التليفزيوني في الوطن العربي، أدرك أنني أمام قصة نجاح نادرة، نموذج لرجل لم يتوقف أبدًا عن السعي وراء حلمه، ولم يقبل إلا بأن يكون في المقدمة.
عمرو كمال ليس مجرد اسم في عالم الإعلام، بل هو علامة على الجودة، رمز للشغف، وإثبات أن النجاح الحقيقي ليس في مجرد صناعة المحتوى، بل في أن تصنع محتوى يبقى، يؤثر، يغير، ويبقى خالدًا في ذاكرة المشاهدين.