محمد بدر يكتب: «دخل الربيع يضحك» يفوز على «مين يصدق» بعد مواجهة مهرجان القاهرة

Feb 28, 2025 - 18:54
محمد بدر يكتب: «دخل الربيع يضحك» يفوز على «مين يصدق» بعد مواجهة مهرجان القاهرة

في الفترة الماضية اختلف الناس على من هي صوت مصر وفي الدورة الخامسة والأربعين من مهرجان القاهرة السينمائي الدولي اختلف الناس أيضا على من هو الفيلم الذي يمثل مصر حق تمثيل داخل مسابقات المهرجان المختلفة حيث شارك حينها فيلمين هما: «دخل الربيع يضحك» و «مين يصدق».

التعريف بالفيلمين:

فيلم «دخل الربيع»

شارك بالمسابقة الرسمية الدولية وبالتبعة لأنه عربي فهو نافس في مسابقة افاق السينما العربية، وهو بطولة: سالي عبده، مختار يونس، رحاب عنان، ريم العقاد، اية حمزة، كارول العقاد، واخرون، انتاج: كوثر يونس بدعم من عدة مهرجانات منهم مهرجان الجونة.

والفيلم مدته: 98 دقيقة تم تقسيمهم على أربع حكايات خلال شهور فصل الربيع والتي احتوت على اسرار وغضب واحزان مخفية وسط ضحكات مرسومة لنصل في النهاية الى خريف يختتم القصص الأربعة، ولعل واحدة منهم والتي بدأت الفيلم تعود بشكل دائري به لتجسد مجددا بداية اخرى قد تكون سعيدة للأبطال.

فيلم مين يصدق

شارك بمسابقة افاق السينما العربية، وهو سيناريو: مصطفى خالد بهجت، وفكرة: نجوم مسرح مصر منهم: حامد الشراب وكـ إفيه مكتوب على البوستر انه مأخوذ عن قصة غير حقيقية، انتاج: أشرف عبد الباقي ومحمد عبد الوهاب، وبطولة: يوسف عمر، جيدا منصور، مع مجموعة من ضيوف الشرف لم يتم استغلالهم بشكل حقيقي مثل: أشرف عبد الباقي، شريف منير، احمد رزق، سليمان عيد.

والفيلم مدته: 120 دقيقة تدور احداثها حول فتاة تعيش حالة من الفراغ الابوي من طبقة غنية تتعرف على شاب فقير يعيش من عمليات النصب باسم التبرعات تنشأ بينهما قصة حب وتخوض معه كل عمليات النصب الى ان يقعا في مشكلة مع شخص ما لتنتهي قصة الحب وعمليات النصب بنهاية صادمة حزينة، وهذه النهاية المحبطة تنبع من صراع غير واضح الملامح وهو ما يعود بالدرجة الأولى الى تشوش التعارضات الثنائية في النص.

تصنيف الفيلمين:

فيلم «دخل الربيع يضحك» فينتمي تصنيفه  

حسب الموضوع او التيمة الى: خصومات نسائية بين القوي والضعيف: الام وبنتها، الزبونة والعاملة، ومجموعة سيدات اصدقاء

حسب النوع: فهو فيلم واقعي بلاك كوميدي

حسب التصميم، التقنية، أسلوب الإنتاج: فهو فيلم المختارات أو المُقتطفات او Anthology film الفيلم الأنثولوجي (المعروف أيضًا باسم الفيلم المجمع) هو فيلم واحد يتكون من عدة أفلام أقصر، كل منها مكتمل في حد ذاته ومتميز عن الآخر، على الرغم من ارتباطه بشكل متكرر بموضوع واحد أو مقدمة أو مؤلف واحد. وكما عرفه «اسماعيل بهاء الدين» فهو فيلم سينمائي طويل، يتمّ إنتاجُه اعتمادًا على مُقتطفات ومواد فيلمية معدّة سلفًا. ومن انواعه الأكثر شيوعًا؛ الفيلم الذي يتضمَّن عددًا من القصص المتنوِّعة، الأشبه بعدد من الأفلام القصيرة التي يربط بينها رابط ما، وهو ما ينطبق على أفلام مثل: الفيلم الأمريكي ملحمة بستر إسكريجز (2018) The Ballad of Buster Scruggs، والفيلم المصري الكدابين التلاتة (1970)

فيلم «مين يصدق» ينتمي تصنيفه  

حسب الموضوع او التيمة الى: عدم التعقل القاتل وعوائق الحب

حسب النوع: فهو فيلم ميلودراما لايت كوميدي، حيث تعرض الحبكة حال بطل ودود وضعيف تتكرر عليه المآسي فيسقط ويحس المشاهد بالشفقة إزاء هذه النهاية.

حسب التصميم: فهو فيلم روائي طويل

اخراجيا:

فيلم دخل الربيع يضحك

تأليف وإخراج: نهى عادل

وهي مواليد 1975 خريجة آداب انجليزي بالقاهرة واخذت كورسات فقط في الإخراج 2017 وبعدها نفذت مشروعين لأفلام قصيرة شاركوا في مهرجانات عربية ودولية، والفيلم هو اول فيلم طويل لها

فيلم مين يصدق؟

اخراج: زينة عبد الباقي

وهو أيضا اول اخراج طويل لها بعد دراستها للإخراج في اكاديمية السينما بنيويورك وبعد تنفيذها سبعة أفلام قصيرة شاركت بهم في بعض المهرجانات الدولية 

وبذلك نرى اننا امام مخرجة دارسة وهي زينة، ومخرجة هاوية وهي نهى والتي أصبحت مخرجة بعد هذا الفيلم والذي اعتمدت به على سينما المشهد من خلال لوكيشنات او أماكن تدور داخلهم كل لقطات الحكايات الاربعة

انتاجيا:

رفع الفيلمان شعار أفلام الاب وبنته او «لن اعمل الا مع ابي»، على عكس المسلسل الشهير «لن أعيش في جلباب ابي»، ورغم أني ضد التوريث في الفن لكن الفيلمين هما تجسيد لفكرة توريث الفن فاعتقد انا الفيلمين هما أفلام عائلية ليس كتصنيف للجمهور، ولكن للصناع

ففيلم «دخل الربيع يضحك» هو انتاج المخرجة كوثر يونس لوالدها المخرج مختار يونس الأستاذ بأكاديمية الفنون معهد الطفل ومعهد السينما، وهو أحد ابطال الفيلم الرئيسيين بالإضافة الى ان «كوثر» تمثل في احدى قصص الفيلم في دور مساعد وهنا تجربة انتاج «دخل الربيع» فازت على مستوى التمثيل والإنتاج، اما فيلم «مين يصدق» انتاج الفنان أشرف عبد الباقي لابنته المخرجة زينة وظهر معها ضمن احداث الفيلم في شخصية «معلم» يصنع ازمة الفيلم في نهايته وبطل الفيلم «يوسف عمر» هو ابن الفنانة لبنى ونس. 

قصصيا:

«دخل الربيع يضحك» العنوان من رباعية الشاعر صلاح جاهين ويقدم الفيلم اربع قصص مكتوبة بشكل شبه ارتجالي: قصة حب كبار السن الجيران وقصة تجهيز العروسة قبل الفرح بملابس شبه عارية وكشف الاسرار امام مصور الكواليس، وقصة ضياع خاتم زبونة في محل الكوافير وقصة حفل عيد ميلاد زعيمة الشلة النسائية، حيث تدور الحكايات حول حالة الربيع الجميلة والتي قد تنقلب الى رياح خمسينية عاتية تحول الفرح الى تعاسة، ظاهره مبهج وباطنه متعب وحزين، وهذا هو الرابط بين الحكايات التي تدور حول عن المرأة المصرية بجميع طبقاتها: التي تسكن في المعادي، والتي تسكن في «ايجيبت» رغم ان اصلها من مصر القديمة لكنها شبعت وتحدثت الإنجليزية في نصف كلامها، وبنت الحارة الفقيرة التي تعمل بمحل كوافير يخطو عليها كل من هب ودب من سيدات المنطقة المحيطة بالمحل سواء زوجة الرجل المهم او سيدات الطبقة الوسطى العادية، ألفاظ الفيلم قد تتخطى حاجز +12 رغم تفاوت الطبقات لكن ما بباطنهم يظل قذر رغم نضارة صورتهم الاجتماعية وافكارهم 

«مين يصدق» ان (نادين) الفتاة المرفهة، تتعرف على الشاب (باسم) الذي يقدم لها نوعا من الحب والاهتمام الذي تفتقده وتُعجب به، وتكتشف لاحقا احتياله عليها، وبالرغم من ذلك تقع في حبه، لتتخلص من حالة الفراغ التي تعيشها، تشارك نادين باسم في عمليات نصب يتورطان من خلالها في العديد من المشاكل مما يضع قصة حبهما وامورا أخرى على المحك

تمثيليا:

اعتمد الفيلمان على وجوه جديدة سواء شبابا في «مين يصدق» مثلوا بعض الاعمال ومنهم من درس التمثيل، لكن على العكس بفيلم «دخل الربيع» اعتمد في معظمه على مجموعة من الشخوص الهواة غير المعنيين بالتمثيل وبدون اجر يذكر، ومنهم سيدات اعمال وموظفات ببنوك وأساتذة جامعة، واستطاعت المخرجة «نهى» ان تصنع منهم عباقرة في التمثيل لأول مرة استحقوا عليها اشادة مهرجان القاهرة ككل، بدليل ان الفنانة «رحاب عنان» من فيلم «دخل الربيع يضحك» حصلت على تنويه خاص من لجنة تحكيم المهرجان. 

وفي كل الأحوال فنحن فوزنا بمجموعة جديدة من الفنانين سواء الجراندات كبار السن من فيلم «دخل الربيع» او شباب في فيلم «مين يصدق»، ورغم ان الرهان على هؤلاء الشباب في المنافسة التجارية بالسينما صعب لكنه ليس مستحيلا لو تم توزيعهم بالشكل المناسب ويكونوا «إن كاست» او ملائمين للأدوار التي يقدموها سواء الشر او الخير او الرومانسية. 

انتقاد الفيلمين:

انتقد البعض فيلم «دخل الربيع» بقوله: "أبسط مقومات الفيلم الروائي الطويل لا تنطبق على هذا العرض.. هو مجموعة من الأفلام القصيرة لا رابط بينها.. لا يستحق أن يمثل مصر في المسابقة الدولية، كان الأفضل لمخرجته أن تشارك بواحدة من القصص في مسابقة الأفلام القصيرة". وهذا النقد ينم على عدم دراية بأنواع الأفلام على مستوى التصميم والتقنيات وأسلوب الإنتاج كما ذكرنا.

وانتقد البعض فيلم «مين يصدق» بقوله: الفيلم إعادة تصور لقصة Bonnie & Clyde بس في واقع مصري معاصر بس رؤية زينة عبد الباقي في النص الثاني من الفيلم محدودة وسابت فراغات كتير. أحد اللقطات اللي اعتبرتها فجة قوي هي إن "باسم" (يوسف عمر) لابس تي شيرت عليه بوني وكلايد لا تليق تمامًا على شخصيته غير المثقفة اللي على مدار الفيلم عمالين بثبتو لينا قد ايه في تناقض بينها وبين حبيبته "نادين" (چيدا).

وهذا النقد به جانب من الصواب حيث ان بوني إليزابيث باركر وكلايد تشيستنت كانا مجرمين أمريكيين سافروا إلى وسط الولايات المتحدة مع عصابتهم خلال فترة الكساد الكبير. كان الزوجان معروفين بسرقة البنوك. استحوذت مآثرهم على انتباه الصحافة الأمريكية وقرائها خلال ما يشار إليه أحيانًا باسم "عصر عدو الشعب" بين عامي 1931 و1934. وقد تعرضوا لكمين من قبل الشرطة وقتلوا بالرصاص في بينفيل باريش بولاية لويزيانا. 

والمخرج إخراج آرثر بن، في فيلم «بوني وكلايد» عام 1967أحيا الاهتمام بالمجرمين وأضفى عليهم هالة رومانسية وهو ما فعلت زينة عبد الباقي أيضا مع نادين وباسم.

مهرجانيا:

حاز فيلم «دخل الربيع يضحك» على أربع جوائز في مهرجان القاهرة حيث فازت المخرجة نهي عادل، دوليا: بجائزة هنري بركات مناصفة لأحسن إسهام فني، وعربيا: بجائزة صلاح أبو سيف لأفضل مخرج وقيمتها 7000 دولار أمريكي، وعلى مستوى النقاد جائزة لجنة تحكيم الاتحاد الدولي للصحافة السينمائية (فيبرسى).  

بينما لم يحصل «مين يصدق» على شيء سوى الدعاية التمهيدية قبل نزوله في دور العرض التجارية، لكن للأسف الفيلم فشل تجاريا بعد تحقيقه فقط أربعة ملايين جنيه بعد مرور تسعة أسابيع من عرضه في مصر بعد انتهاء المهرجان، وبذلك استطاعت كفة فيلم «دخل الربيع» ان تطب في الميزان ضد فيلم مين يصدق؟

ختاما:

ظروف الإنتاج شجعت مخرجي الفيلمين على تنفيذ مشروعاتهن الأولية واعتقد ان هناك استقلالية لهن في اختيار الشكل والموضوع لهذه الأفلام، وفيما يخص توقعاتي للفيلمين لم يصل فيلم «مين يصدق» لحجم التوقعات التي افترضها قبل دخوله نتيجة الدعاية الكبيرة التي تمت له داخل المهرجان وخارجه بعكس فيلم «دخل الربيع» 

وآمل ان تحقق المخرجة نهى عادل النجاح إذا عرض الفيلم تجاريا بالسوق واتطلع لمشاهدة اعمال سينمائية أخرى لها تكون بنفس المستوى، وانتظر فيلم جديد للمخرجة زينة عبد الباقي لأكمل حكمي عليها بشكل كامل كمخرجة جديدة، ولكن ارغب ان تكون بعيدة عن شركة انتاج والدها.

رمضان 2025:

استغربت كثيرا لرؤيتي نفس ديكور حكاية من حكايات فيلم «دخل الربيع» ضمن احداث مسلسل «80 باكو» والذي بدأ عرضه على شاشة ام بي سي مصر، وحزنت حين رأيت ان المخرجة هي كوثر يونس منتجة فيلم دخل الربيع، وان مخرجة الفيلم تحولت في المسلسل الى كاستنج دايركتور او مساعد اخراج لاختيار الممثلين بعد فوزها بجائزة الإخراج بالمهرجان منذ شهور وهو ما اثار الشك لدي بأن تكون «كوثر» هي من أخرجت الفيلم وانتجته ومثلت به وليست نهى!!

اما فيما يخص لفنان يوسف عمر، فبعد ظهوره العام الماضي في مسلسل «اعلى نسبة مشاهدة» استطاع ان يستفيد من تألقه بفيلم «مين يصدق»، وان يشارك هذا العام مع الفنانة غادة عبد الرازق في بطولة مسلسل «شباب امرأة».