لا «تقتل» خيالك

يوليو 27, 2025 - 08:59
لا «تقتل» خيالك

كتبت: أمنية شكري

لا أدري متى بدأت أعي وجود خيالي.

ولكن مع مرور الوقت، شعرت وكأنه بدأ يضعف قليلًا... 

ربما بدأ ذلك بعد التخرج من المدرسة الثانوية والدخول إلى الجامعة؟

أو ربما حين بدأت أتحمل ضغوط العمل في المجتمع؟

أو لعله مع ظهور الهواتف الذكية والأجهزة الحديثة التي سهّلت كل شيء؟

أحاول جاهدًا أن أتذكر، أن أرجع بالزمن إلى سنوات مضت، قبل عشرة أعوام، أو حتى أكثر كيف كنت أنظر إلى العالم من عينيّ آنذاك؟ 

أتذكر دروس الأدب في المدرسة، حيث كنا نتعلّم الكتابة بأسلوب "الاستجابة للمشهد"، أتأمل المطر في يوم ماطر، وأقرأ بهدوء ديوان شعر،وإن حلّ الإلهام، ربما أكتب بعض الأبيات بنفسي.. .كانت روحي آنذاك كبحيرة ساكنة، كل قطرة مطر تثير فيها دوامة صغيرة من المشاعر .كل موجة خفيفة تحرك فيها رعشة دفينة.

وفي ليالي الخريف، بعد لقاء مع الأصدقاء،كنت أمشي في الشارع بهدوء، أنظر إلى مبنى على الزاوية،علامة صليب حمراء تتوهج ومن خلف النوافذ الباهتة أرى أجسادًا تتحرك بسرعة لا أعرف لماذا، لكن كان قلبي يتأمل التناقض بين الداخل والخارج أتذكر أيضًا تلك المرة حين رأيت بركة ماء تحت ضوء النيون تخيلتها كلوحة ألوان انسكبت بلا ترتيب، أو حين رأيت أوراق الأشجار تتطاير فوق سطح بحيرة، فنسجت في مخيلتي قصة مغامرة تحت الماء..

كان ذلك هو الخيال — بريء، حي، لا يعرف الحدود.

لكن البعض قد يسخر ويقول: "يا له من شخص متكلف!"

أو يسأل: "ألا تتعب من التفكير طوال الوقت؟" .وأقول: ربما، نعم، لكن الواقع لا يتعارض مع الخيال، والعقل الواعي جميل، والقلب الحالم أجمل، فالعالم بأسره ليس إلا خامة لصورة تنعكس من داخلنا .أن تكون حساسًا، متخيلًا، أن تمدّ أطرافك غير المرئية نحو كل شيء، أن تحاول أن تلمس العالم لا بعينيك فقط، بل بقلبك —هذه هبة، لا لعنة

لكن للأسف، في السنوات الأخيرة، بدأت خطواتي تتسارع، وقلبي صار مضطربًا صرت أمضي قدمًا برأسي للأسفل،

لم أعد أرغب في الشعور، ولا في تسجيل تلك الأحاسيس.وهكذا، بدأت تلك الأطراف الحسية تذبل شيئًا فشيئًا.. .ومع ذلك، في بعض الأيام حين تمر نسمة باردة، وحين أسمع مجددًا صوت المطر يتساقط برفق، تعود تلك الرعشة المألوفة لتدغدغ قلبي بهدوء.

فهل قُتل خيالي حقًا؟ .أمام تلك الصفحات البيضاء التي لا أقدر على ملئها، وأمام الألوان التي تبهت في رأسي، هذا السؤال يعود ليطرق عقلي مرارًا وتكرارًا. 

إنه لأمر مؤسف حقًا... خسارة فادحة .فالخيال العقيم لا يمكنه أن يُنبت مناظر خلابة، ولا يمكنه أن يأخذك إلى أي مكان .فأسأل نفسي بصدق: هل كنت حاضراً حقاً في كل لحظة؟ هل أعطيت وقتي للقراءة والسفر؟. .هل استثمرت مواردي في نفسي؟ .هل توقفت يومًا لأشعر بالكون حولي؟ ."حتى لو احترقته النيران، فالربيع سيعيد إنباته"

الخيال، إن سقيته بقلبك، سيعود وينمو بوحشية من جديد

https://mp.weixin.qq.com/s/sLaKSlYK7tJ6qF69SDB4Sg?fbclid=IwZXh0bgNhZW0CMTAAAR2mHp8c9XJ2P5pY4LTMnSdgNof4mlhlCwZq6zEijfm1AH3VcI7JLuuQLkU_aem_pbnPJxIpiwRK6wpEBIDcSQ