تدخين الفتيات: "بين الحرية الشخصية والقيود المجتمعية"
كتبت : أميرة الجارحي
في زحمة الحياة الحديثة، تتعدد الظواهر التي تثير النقاش بين أفراد المجتمع، ومن بين تلك الظواهر التي تحظى باهتمامٍ واسع وتثير جدلاً لا ينتهي، نجد تدخين الفتيات. هذه العادة التي كانت مرتبطةً لفترة طويلة بالرجال فقط، باتت اليوم ظاهرة منتشرة بين الفتيات، مما يفتح الباب لطرح تساؤلات عميقة عن الحريات الشخصية وحدودها، وعن نظرة المجتمع للفتيات وسلوكياتهن.
لماذا تدخن الفتيات؟
التدخين ليس مجرد عادة، بل هو نتيجة لمجموعة من العوامل النفسية والاجتماعية. بالنسبة لبعض الفتيات، التدخين يعكس رغبة في التمرد على القيود المجتمعية، خاصة في المجتمعات التي تضع قيودًا صارمة على تصرفات المرأة. فالتدخين هنا يصبح رسالة رمزية: "أنا حرة وأمتلك قراري".
وفي المقابل، هناك من تتجه للتدخين كوسيلة للتنفيس عن الضغوط النفسية، سواء كانت دراسية أو عائلية أو عاطفية. البعض الآخر ينظر إليه كنوع من التقليد، حيث ترغب الفتاة في محاكاة شخصية مشهورة أو صديقة مقربة.
المجتمع بين التقبل والرفض
لا يمكننا إنكار أن المجتمع العربي بشكلٍ عام ينظر إلى الفتيات المدخنات بنظرة سلبية، تختلف تمامًا عن نظرته للرجال الذين يمارسون نفس العادة. تُعتبر الفتاة المدخنة في أعين الكثيرين "خارجة عن المألوف" أو "غير ملتزمة بالتقاليد". وقد تُطلق عليها أحكام مسبقة تمس سمعتها وشخصيتها، دون النظر إلى الظروف التي دفعتها للتدخين.
لكن هذه النظرة ليست شاملة للجميع. فمع انتشار الأفكار الداعمة للمساواة والحرية الشخصية، بدأت فئة من الناس تتقبل فكرة أن التدخين اختيار فردي لا يقتصر على جنسٍ دون الآخر، وإن كان هذا التقبل لا يزال محدودًا.
التدخين وأثره على الفتيات
بغض النظر عن الدوافع التي تدفع الفتاة للتدخين، لا يمكن تجاهل الآثار السلبية الجسدية والنفسية التي يتركها التدخين عليها. فعلى المستوى الصحي، التدخين يؤدي إلى مشاكل خطيرة مثل تراجع صحة الجهاز التنفسي، وزيادة خطر الإصابة بأمراض القلب، بالإضافة إلى التأثير السلبي على البشرة والشعر، مما قد يؤثر على ثقة الفتاة بنفسها.
أما على المستوى النفسي، فإن التدخين قد يتحول إلى قيد بدلاً من حرية، حيث تجد الفتاة نفسها معتمدة عليه لتخفيف التوتر، مما يؤدي إلى إدمان يصعب التخلص منه.
نظرتي الشخصية
من وجهة نظري ككاتبة، أرى أن التدخين ليس قضية يجب أن ترتبط بالجنس بقدر ما هي قضية تتعلق بالصحة والاختيارات الفردية. لكنني في الوقت نفسه أرى أنه يجب علينا كأفراد في المجتمع أن نكون أكثر تفهمًا وأقل إصدارًا للأحكام. فبدلاً من النظر إلى الفتاة المدخنة بعين الانتقاد، ينبغي أن نسأل: لماذا لجأت إلى التدخين؟ وكيف يمكننا مساعدتها على اختيار بدائل أكثر إيجابية؟
في النهاية، التدخين خيار شخصي، لكن هذا الخيار له تبعاته التي يجب أن تكون الفتاة على دراية بها. أما المجتمع، فعليه أن يتعامل مع هذه الظاهرة بعقلانية ووعي، بعيدًا عن الأحكام الجاهزة والانتقادات الجارحة.
رسالة أخيرة: إذا كنتِ فتاة تدخنين اليوم، اسألي نفسك: هل هذا حقًا ما أريده؟ وهل هناك طرق أخرى لتعبيرك عن ذاتك أو مواجهة تحدياتك؟ تذكري دائمًا أن صحتك هي رأس مالك الحقيقي في هذه الحياة.