مصطفى صلاح يكتب: عندما يتحدث الرُقي.. تصمت الضوضاء... شكرًا للفنانة ياسمين صبري!

من أنت يا محمد رمضان؟ سؤال يجب أن يُطرح بقوة، ليس فقط بعد تصرفك الصادم مع الفنانة ياسمين صبري، ولكن بعد كل ما تقدمه من نماذج فنية وسلوكيات مثيرة للجدل. هل أنت نجم بحق، أم مجرد ضجيج يعلو بلا مضمون؟ هل أنت من قدّم للشباب قدوة يُحتذى بها، أم أنك زرعت فيهم ثقافة البلطجة والانحراف تحت شعار "نمبر وان"؟ الحكاية بدأت في حفل سحور رمضاني، عندما باركت الفنانة ياسمين صبري لمحمد رمضان قائلة: «مبروك يا ابني»، وهي جملة طبيعية تمامًا، بل ومليئة بالاحترام والمودة. أي شخص عاقل كان سيرد بابتسامة أو بكلمة شكر.
لكننا هنا نتحدث عن محمد رمضان، الرجل الذي يعتبر نفسه فوق الجميع، فكان رده الصادم: «إنتي مجنونة ولا إيه؟!». عفوًا؟ هل تجاوزت الفنانة ياسمين صبري حدود الأدب؟ هل قللت من شأنك؟ لا، لم تفعل شيئًا سوى استخدام تعبير مصري دارج. لكن يبدو أن محمد رمضان لا يتحمل أن يخاطبه أحد بأي طريقة طبيعية، فكل كلمة يجب أن تكون مديحًا وتقديسًا له، وإلا فالهجوم قادم لا محالة. النجوم الحقيقيون، أصحاب الثقة بالنفس، لا يحتاجون إلى اختلاق أزمات كهذه. لو كان الموقف مع نجم عالمي مثل روبرت دي نيرو أو آل باتشينو، كانوا سيردون بضحكة وربما يمزحون بالمثل. لكن في عالم محمد رمضان، أي جملة عفوية تُعتبر تهديدًا لمكانته الأسطورية، وكأنها مؤامرة كونية ضد عظمته المزعومة!
هذا التصرف يكشف شيئًا خطيرًا: الرجل لا يستطيع العيش دون إثارة الجدل. كل تصرف يجب أن يكون مسرحية، كل موقف يجب أن يتحول إلى صراع، كأنه بطل في فيلم أكشن يعيش في خطر دائم.
لكن الحقيقة أنه لا خطر، فقط وهم التفوق المصطنع الذي صنعه لنفسه ويريد من الجميع تصديقه. على الجانب الآخر، كانت الفنانة ياسمين صبري راقية كعادتها، فلم تنزلق إلى مستنقع المشادات السخيفة، بل ردت بكل احترام وبساطة: «يا ابني، دي كلمة عادية». وهنا يكمن الفارق بين شخص يفهم معنى الرُقي، وآخر يظن أن العالم يجب أن يركع له في كل موقف. تصرف الفنانة ياسمين صبري لم يكن مجرد رد فعل عابر، بل كان درسًا حقيقيًا في كيفية التعامل مع أصحاب "الإيجو" المنتفخ. لم تحتج إلى الصراخ، ولا إلى الرد بالمثل، بل اكتفت بتوضيح أنها لم تخطئ، وهذا في حد ذاته أحرج محمد رمضان أكثر من أي هجوم مباشر. وهنا نعود للسؤال الأهم: من أنت يا محمد رمضان؟ هل أنت فنان يقدم للشباب رسالة إيجابية، أم أنك قدّمت لهم ثقافة العنف والبلطجة في أفلامك وأغانيك؟
هل علّمتهم الاجتهاد، أم أوهمتهم أن التفاخر بالمال والسيارات هو مقياس النجاح؟ هل رسّخت لديهم قيمة التواضع، أم زرعت فيهم الغرور الفارغ؟ يا محمد رمضان، النجومية ليست بعدد المشاهدات، ولا بعدد السيارات الفارهة التي تستعرضها في كل مناسبة. النجومية هي احترام الآخرين، هي أن ترد على الكلمة الطيبة بأفضل منها، لا أن تعامل الناس كأنهم مجرد "كومبارس" في حياتك. ربما يجب أن تتعلم من الفنانة ياسمين صبري كيف يكون الرُقي في التعامل. فهي لم تحتج إلى حفلات استعراض ولا إلى افتعال معارك وهمية، بل اكتفت بأن تكون إنسانة راقية، وهذا في حد ذاته أكبر انتصار. أما أنت، فبدلًا من أن تنشغل بإثبات أنك "نمبر وان".
حاول أن تكون إنسانًا أولًا، لأن النجومية الحقيقية لا تحتاج إلى صراخ أو تصرفات استعراضية، بل تحتاج إلى احترام ورُقي... وهو ما يبدو أنه ينقصك كثيرًا. والأمل دائمًا يكون في الرُقي، فالفن الحقيقي لا يعتمد على التصرفات الطفولية ولا على افتعال الأزمات، بل على تقديم رسالة حقيقية. النجاح لا يُقاس بعدد المرات التي تتصدر فيها التريند بسبب تصرف غريب، بل يُقاس بمدى احترامك لنفسك وللآخرين. ومن الواضح أن الفنانة ياسمين صبري فهمت هذه المعادلة جيدًا، بينما لا يزال محمد رمضان غارقًا في وهم العظمة.