د.حازم الشاذلي يكتب: عادل إمام فيلسوفاً شعبياً

يونيو 29, 2025 - 10:16
د.حازم الشاذلي يكتب: عادل إمام فيلسوفاً شعبياً

منعتنى الصواريخ الإسرائيلية ثم الرد الإيرانى واليورانيوم المخصب ونطنز وخورمشهر ثم الكاوبوى الأمريكى المغرور الذى يجىء على حصانه ليحسم المواقف بطريقة هوليوودية ثم المشهد الأخير الذى يذكرنى بخناقات الحوارى حيث يحاول كل طرف أن يلطش الأخر قلما أو قفا ليستطيع أن يقول أنه انتصر فى المعركة منعنى هذا كله أن اكتب عن الزعيم فى عيد ميلاده ال ٨٥ الزعيم هذه الظاهرة الفنية المتوهجة فى سماء مصر والعالم العربى٠

لا يستطيع أحد أن ينكر قيمة عادل إمام ولا فضله فى إثراء الحركة الفنية فى مصر والعالم العربي على مدى العقود الماضية إلا أن اللافت للنظر وما يستحق الذكر هو أن عادل إمام قد استطاع بكلمات وجمل بسيطة استخدمها أن يؤثر علي ملايين المصريين والعرب في طريقة تحدثهم وفي استخدامهم لمفردات وجمل لم تكن موجودة من قبل فأصبح بذلك فيلسوفاً شعبياً يلجأ الي تعبيراته العامة لشرح وجهات نظرهم في أمور قد تكون بسيطة وقد تعبر أحياناً عن أمور أشد تعقيدا٠ً

ومن الطبيعي أن ندلل على هذا الكلام بأمثلة من واقع أعماله مثلاً في المسرحية المعروفة الواد سيد الشغال وفي المشهد الشهير عندما يساله المحامى لماذا لم يغير مسكنه بعد أن علم أن راقصة تسكن فيه فكان رد فعله التلقائي هو أن قال لو أن كل واحد عزل عشان في بيته رقاصة كانت مصر كلها باتت في الشارع!

وعلي قدر قسوة التعبير إلا أن الجمهور انفجر فى الضحك وأصبح هذا التعبير يستخدم في مواضع كثيرة للتعبير عن السخرية من أسئلة مستفزة وغير منطقية٠

وفي كثير من أفلامه كان يستخدم جملة هو إحنا نهارنا فل ولا حاجة للتعبير عن مدي إمكانية إقامة علاقة مع الزوجة في هذا اليوم ونلاحظ هنا أن المصريين أصبحوا يستخدموا هذه الجملة كرمز أو سيم مع زوجاتهم٠

وهناك تعبير نشرب شاى بالياسمين والذي استخدمه عادل إمام فى فيلم مرجان أحمد مرجان وأصبح من بعدها كناية عن تقديم الرشوة لموظف ما٠

أما في بدايات عادل إمام فكانت الجملة الأشهر التي جائت في مسرحية أنا وهو وهى وهى بلد بتاعت شهادات صحيح والذي أصبح من بعدها قولاً مأثوراً للتعبير عن حال مصر٠

أما فى الفيلم الشهير فى لصوص لكن ظرفاء مع القدير أحمد مظهر وفي المشهد الأخير يسخر عادل إمام من الموقف كله عندما يتم القبض عليه مع شريكه فيقول ساخراً كل شىء مدروس ليصير هذا التعبير دارجاً للسخرية من الذين يدعون الأعداد بدقة لكل الأمور كما كان يدعي أحمد مظهر فى الفيلم٠

أما في الفيلم الأشهر البحث عن فضيحة وفي نهاية الفيلم يسأله سمير صبري عما إذا كان من الممكن أن يقتل العروس الدميمة ويهرب فيجيبه ساخراً من نفس طريقة سمير ما تعملش زي عبد الشكور تعرفه لا ولا أنا وأصبح المصريون يستخدمون هذا التعبير للتحذير من تصرف ما٠

وفي فيلم المتسول يحاول الفنان زكريا موافي إبعاد ابن أخته عادل إمام من الغرفة ليختلى بزوجته هياتم بأن يكلفه بشراء شاى وهمي إسمه أم حسن ويدرك عادل إمام الخدعه ويعود للغرفة وأصبح العامة في مصر يستخدمون عبارة شاى أم حسن للدلالة عن الرغبة فى التخلص من شخص ما بل إن واحداً من التجار الشطار انتج شاياً حقيقياً واسماه ام حسن٠

أما المشهد التاريخى فى نهاية فيلم طيور الظلام فقد كان بمثابة نبوءة حين يلتقى الزعيم ممثل الفساد فى الفيلم مع رياض الخولى رمز الإخوان والتيار الإسلامى السياسى فيقول له الخولى أنه خارج فيضيف الزعيم وأنا خارج قبلك ويشوطا كرة القدم باتجاه مصر أو المجتمع٠

والحقيقة أن الأمثلة عديدة وكلها تؤكد أن عادل إمام بحق فيلسوف شعبى وظاهرة فنية متوهجة لن تتكرر بسهولة٠