د.حازم الشاذلي يكتب: ترامب و دنشواي وسياسة السفالة

يونيو 15, 2025 - 10:21
د.حازم الشاذلي يكتب: ترامب و دنشواي وسياسة السفالة

أرسل نيرون الجديد الشهير بترامب ٢٠٠٠ جندى من الحرس الوطنى لمكافحة الشغب فى لوس أنجليس بعد أن راح أعضاء الهجرة والجمارك يرحلون المهاجرين هناك ويقال فى الكواليس أن ترامب قد فعل ذلك لمعاقبة الولايات الديمقراطية التى لم تصوت له فى الانتخابات. 

 ونعلم جميعاً أن أمريكا هى فى الأصل بريطانيا وقامت بينهما جرب الاستقلال وبما أن بريطانيا كانت أكبر دولة استعمارية فى العالم فبلا شك أن امريكا ورثت منها بعض السياسات التى تتسم الآن بالسفالة والانتهازية ولعل من الأمثلة الواضحة لتلك السياسات هى حادثة دنشواى والتى تمر ذكراها هذه الايام٠ 

وصمة عار في تاريخ الامبراطورية البريطانية؛ قرية مصرية من قري المنوفية اشتهرت بوجود أسراب كثيرة من الحمام مما أغري بعض الظباط الإنجليز للتوجه اليها لصيد الحمام في هذا اليوم المشهود يوم ١٣ يونيو ١٩٠٦ 

يوم دخلت فيه دنشواي التاريخ من باب العدالة الأنجليزية المزعومة٠

بدأ الإنجليز في اطلاق نيران بنادقهم لصيد الحمام فاشتعلت النيران في أحد الأجران مما أثار غضب الفلاحين فطالبوا الانجليز بالابتعاد وحدثت مشاجرة واصابت رصاصة إنجليزية واحدة من الفلاحات فاشتد غضب الفلاحين وبدأ للإنجليز أن الفلاحين سيفتكوا بهم فهرب واحد منهم وسار تحت الشمس الحارقة مسافة ثمانية كيلومترات فاصيب بضربة شمس ومات علي أثرها؛هاجت الدنيا وماجت وتوجهت فرقة إنجليزية الي القرية ثم بدأت التحقيقات والتي لم يكن هدفها إلا الصاق التهم للفلاحين؛ وانعقدت المحكمة وللأسف الشديد كان المدعي العام في القضية هو المحامي ذائع الصيت إبراهيم الهلباوي والذي كان من الممكن كما اشتهر عنه أن يدافع عن الحق والباطل بنفس البراعة وكان رئيس،المحكمة بطرس باشا غالي وعضو المحكمة وكاتب حيثيات الحكم أحمد فتحي زغلول رئيس محكمة مصر الابتدائية وشقيق الزعيم سعد زغلول وبالطبع كانت محكمة هزلية وصال الهلباوي وجال في أخر يوم من المحاكمة لإثبات التهم علي الفلاحين وبلغت هزلية المحاكمة إلي حد أن سخر منها الكاتب الإيرلندي الشهير جورج برنارد شو ووصل الأمر إلي أن المحكمة قد وصلت دنشواي ومعها المشانق والجلادين أي أن الحكم كانه قد صدر قبل المحاكمة؛ وبالفعل صدر الحكم بإعدام أربعة وجلد اثني عشر والمؤبد للباقين وكما يقول جورج برنارد شو كأن المحكمة كانت تريد تسلية المشاهدين فكانت تقوم بجلد أحد المتهمين مابين إعدام اثنين منهم كان لابد أن يدفع الثمن أربعة من أبطال هذه الواقعة المشينة أولهم اللورد كرومر المعتمد البريطاني والذي تكفل به الزعيم مصطفي كامل الذي فضح القضية وأقام الدنيا واقعدها علي الإنجليز مما اضطرهم إلي سحب كرومر من مصر .

 وأما بطرس باشا غالي رئيس،المحكمة فقد تم اغتياله بعد ذلك علي يد إبراهيم الورداني وأما فتحي زغلول فلم يغفر له أحد زلته ولم يشفع له أنه شقيق زعيم الأمة سعد زغلول حتي أنه في يوم الاحتفال به لترقيته اعتذر أمير الشعراء أحمد بك شوقي عن الحضور والقاء شعره وأرسل بدلاً من ذلك أربعة أبيات من الشعر تدين فتحي زغلول إلي الأبد٠

وأما الهلباوي فقد ظل بقية عمره يحاول التكفير عن ذنبه وتبرير الجريمة ولم يصدقه أحد حتي مات مفلساً ذليلاً وهو يحمل لقب جلاد دنشواي.

وتبقي مصر ٠