هل تنقل الخلايا العصبية الضوء؟ اكتشاف علمي جديد قد يغيّر فهمنا للدماغ

كتبت: أمنية شكري
نقل الضوء في الخلايا العصبية – ثورة في علم الأعصاب تبدأ من جامعة روتشستر
ضوء داخل الدماغ؟
لفترة طويلة، عرف العلماء أن الخلايا العصبية تتواصل من خلال نبضات كهربائية. ولكن، تظهر اليوم مؤشرات واعدة تفيد أن هذه الخلايا قد تكون قادرة أيضًا على نقل الضوء عبر محاورها العصبية، وهو ما قد يُحدث تحولًا جذريًا في فهمنا لكيفية عمل الجهاز العصبي المركزي في الإنسان.
مشروع علمي رائد: نقل الضوء عبر المحاور العصبية
بدأ فريق من الباحثين في جامعة روتشستر مشروعًا بحثيًا طموحًا لاكتشاف ما إذا كانت الخلايا العصبية الحية قادرة على تمرير الضوء عبر محاورها – وهي امتدادات طويلة تشبه الألياف البصرية، تنقل الإشارات العصبية من خلية إلى أخرى.
وقد حصل المشروع على تمويل بقيمة 1.5 مليون دولار لمدة ثلاث سنوات من مؤسسة جون تمبلتون لدعم هذا النوع من الأبحاث المتقدمة.
ما الدليل على وجود الضوء في الخلايا العصبية؟
بحسب البروفيسور بابلو بوستيغو من معهد روتشستر للبصريات، فإن: "بعض الدراسات العلمية السابقة أشارت إلى احتمال وجود نقل ضوئي في محاور الخلايا العصبية، لكن لم يتم تأكيد ذلك تجريبيًا حتى الآن. هناك انبعاثات ضوئية ضعيفة جدًا رُصدت في الدماغ، لكن سببها لا يزال غير معروف."
تأثير هذا الاكتشاف على علاج أمراض الدماغ
إذا تبين أن الضوء يلعب دورًا حقيقيًا في التواصل العصبي، فقد يؤدي ذلك إلى ثورة في علاج الأمراض العصبية مثل الزهايمر، التصلب اللويحي، واضطرابات الإدراك. إذ يمكن أن يُستخدم الضوء يومًا ما في تحفيز الخلايا العصبية أو التحكم في وظائف الدماغ بدقة أعلى بكثير من الوسائل الحالية.
التحدي التقني: قياس الضوء في الخلايا العصبية
أوضح بوستيغو أن قطر محور الخلية العصبية لا يتجاوز 2 ميكرومتر، مما يعني أن قياس انتقال الضوء داخله يتطلب أدوات شديدة الدقة تعتمد على تقنيات النانو فوتونيكس".إذا كان هناك فعلاً نقل ضوئي، فقد يكون بكمية ضئيلة جدًا — ربما فوتون واحد فقط في كل مرة."
التكنولوجيا المستخدمة: النانو فوتونيكس والمجسات الضوئية
كونه متخصصًا في النانو فوتونيكس، يعمل بوستيغو على تصميم مجسات ضوئية نانوية قادرة على التفاعل مع الخلايا العصبية الحية بدقة غير مسبوقة. ويشاركه في البحث الدكتور ميشيل تيلياس، أستاذ مساعد في علم الأعصاب وطب العيون، وعضو في مركز علوم البصر. يركز تيلياس على دراسة الخصائص الكهربائية للخلايا العصبية، مما يجعل شراكتهما مزيجًا مثاليًا بين الضوئيات والكهرباء العصبية.
التجربة: اختبار نقل الضوء داخل العصبونات
سيقوم الفريق بحقن الضوء داخل محور الخلية العصبية باستخدام المجسات النانوية. ثم سيقيسون الفوتونات الخارجة، ويحللون خصائصها مثل الطول الموجي والشدة. فالهدف النهائي هو التأكد ما إذا كانت العصبونات تنقل الضوء، وما الدور الذي يلعبه هذا الضوء في التواصل العصبي.
الأسئلة الشائعة:
ما هو نقل الضوء في الخلايا العصبية؟
هو احتمال أن تقوم العصبونات بنقل إشارات ضوئية داخل محاورها، وليس فقط إشارات كهربائية وكيميائية.
هل هناك دليل على وجود الضوء في الدماغ؟
نعم، رُصدت انبعاثات ضوئية ضعيفة جدًا (فوتونات) في الدماغ، لكن وظيفتها غير معروفة حتى الآن.
ما النانو فوتونيكس؟
هي تكنولوجيا تدرس الضوء على مستوى النانومتر، وتُستخدم لقياس خصائص ضوئية دقيقة جدًا في الهياكل البيولوجية.
خاتمة: هل نحن على أعتاب ثورة ضوئية في علم الأعصاب؟
إذا أثبت العلماء أن الخلايا العصبية يمكنها بالفعل نقل الضوء، فإننا أمام اكتشاف قد يعيد تعريف التواصل داخل الدماغ، ويفتح أبوابًا جديدة لفهم الوعي والإدراك وحتى تطوير علاجات جديدة للأمراض العصبية المعقدة.
الدماغ يضيء أكثر مما نظن – وربما حرفيًا.