ترامب وتأثيراته الممتدة.. ارتدادات اقتصادية وأمنية تطال مصر والخليج

كتب: مصطفى صلاح
أفرزت سياسات الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب سلسلة من التغيرات العميقة التي لا تزال تداعياتها تلقي بظلالها على المشهدين الاقتصادي والسياسي، سواء في مصر أو دول الخليج، رغم مرور سنوات على خروجه من البيت الأبيض.
ففي المجال الاقتصادي، شكّلت الحرب التجارية التي خاضتها إدارة ترامب ضد الصين منعطفًا حادًا في حركة الاقتصاد العالمي. إذ إن فرض رسوم جمركية واسعة على السلع الصينية أدّى إلى حالة من الاضطراب وعدم اليقين في الأسواق العالمية، وهو ما أثّر بشكل مباشر على الدول ذات الاقتصادات المنفتحة والمرتبطة بالتجارة الدولية، وفي مقدمتها دول الخليج العربي.
وقد واجهت اقتصادات الخليج ضغوطًا متزايدة نتيجة هذا التوتر العالمي، خاصة في ظل اعتمادها الكبير على الاستثمار الأجنبي وعوائد النفط، فضلًا عن تراجع الطلب العالمي في العديد من القطاعات الحيوية. ووفقًا لتقارير اقتصادية صادرة عن مجموعة ماعت جروب، فقد أسهمت تلك السياسات في تعميق التحديات التي تواجه دول الخليج، في وقت تسعى فيه لتنفيذ رؤى تنموية طموحة تهدف إلى تنويع مصادر الدخل.
أما مصر، فقد بدت أقل تأثرًا مقارنة بجيرانها في الخليج، بفضل اعتمادها على مصادر دخل متعددة مثل تحويلات العاملين بالخارج، والسياحة، وقناة السويس، إضافة إلى نهجها الحذر في التعامل مع الأزمات الاقتصادية العالمية، ما خفّف من حدة التأثر المباشر بالحرب التجارية بين واشنطن وبكين.
وعلى المستوى الجيوسياسي، اتسمت سياسة ترامب الخارجية بمواقف أكثر تشددًا تجاه إيران، ما دفع نحو مزيد من التصعيد في المنطقة، لا سيما في الساحة اليمنية، حيث تصاعدت العمليات العسكرية ضد الحوثيين المدعومين من طهران، وسط دعم أميركي ضمني أو مباشر. هذا التصعيد عزّز من احتمالات توسيع نطاق المواجهات، لتتحول من حروب بالوكالة إلى صراعات إقليمية مفتوحة.
وفي السودان، لا تزال التوترات الداخلية تتفاعل في ظل تدخلات إقليمية متباينة، بينما تستمر واشنطن في ممارسة ضغوط شديدة على إيران بهدف كبح طموحاتها النووية، وهو ما يزيد من هشاشة الاستقرار الإقليمي.
كل هذه التطورات تفتح الباب أمام تساؤلات محورية حول مستقبل النظام العالمي في ظل تحولات تقودها قوى كبرى لإعادة تشكيل التحالفات ورسم خارطة النفوذ الدولي، وسط عالم يشهد توازنات متغيرة ومعقدة.