يقتل القتيل ويمشي في جنازته.. متى يتوقف القتلة عن تمثيل دور الضحية؟

كتبت: نور التلباني
في مشهد مألوف يثير الغضب، لم يكتفِ قاتل آية عادل بإنهاء حياتها بوحشية، بل تجرأ على نشر نعي لها على "فيسبوك"، محاولًا تلميع صورته أمام الجميع، وكأنه زوج مكلوم فقد شريكة حياته في حادث مأساوي! لكن الحقيقة، التي لا تحتاج إلى تجميل، أن هذا النعي ليس إلا محاولة رخيصة للهروب من العدالة، كما فعل كثر قبله.
هذه ليست المرة الأولى التي يحاول فيها رجل معنف إخفاء جريمته تحت ستار الحزن المصطنع، فقد اعتدنا أن نرى القتلة يتحولون فجأة إلى شخصيات مأساوية أمام المجتمع، بينما تكشف التحقيقات عن سجل طويل من العنف الممنهج تجاه ضحاياهم.
في قضية آية، كشف تقرير الطب الشرعي عن إصابات سابقة للحادث، كسر في الجمجمة، جروح غائرة، وضرب مبرح بأدوات حادة، إلى جانب شهادات جيرانها عن معاناة دامت طويلًا. ومع ذلك، لم يتردد الزوج في كتابة كلمات جوفاء على مواقع التواصل، محاولة منه لصرف الأنظار عن الحقيقة الواضحة: آية لم تمت في حادث عرضي، بل قُتلت نتيجة العنف الممنهج الذي تعرضت له على يديه.
لماذا يصدق البعض هذه المسرحيات؟
المجتمع، للأسف، يمنح مثل هؤلاء مساحة كبيرة للتمثيل والتلاعب بالمشاعر، حتى عندما تكون الأدلة ضدهم دامغة. نجد البعض يتعاطف مع "الأرمل الحزين"، رغم كل الشهادات التي تؤكد أنه مارس العنف ضد زوجته حتى لحظة وفاتها.
لكن السؤال الحقيقي هنا: إلى متى سنسمح لمثل هؤلاء بالهروب؟ كيف يمكن أن يستمر التواطؤ المجتمعي مع مرتكبي العنف، بينما تُتهم الضحية حتى بعد موتها بأنها كانت مضطربة أو انتحرت، كما يروج الجاني؟
العدالة لـ آية.. ولكل من رحلن بنفس الطريقة
الحقيقة واضحة: آية عادل لم تكن ضحية حادث عابر، بل ضحية مجتمع لم يوفر لها الحماية الكافية، وضحية رجل قرر أن حياتها لا تساوي شيئًا. نشره للنعي لن يمحو آثار العنف الذي مارسه ضدها، ولن يغير الحقيقة التي يعرفها الجميع.
العدالة لآية ليست مجرد مطلب، بل ضرورة لضمان ألا تُقتل امرأة أخرى وتتحول إلى "ذكرى جميلة" على صفحة من قتلها.