مصطفى صلاح يكتب: «وليد التلباني» موقف أخلاقي يُجسد النزاهة والمبادئ ويتصدر التريند

Feb 24, 2025 - 13:12
Feb 24, 2025 - 13:19
مصطفى صلاح يكتب: «وليد التلباني» موقف أخلاقي يُجسد النزاهة والمبادئ ويتصدر التريند

في عالم الإعلام والعلاقات العامة، حيث تتشابك المصالح المادية مع المبادئ الأخلاقية، يبرز بين الحين والآخر شخص يثبت أن القيم لا تزال تحكم بعض القرارات المهنية. هذا ما فعله وليد التلباني، المستشار الإعلامي الدولي، عندما أعلن إنهاء تعاونه مع النجم العالمي جون-كلود فان دام، متبرئًا من أي نشاط أو محتوى يخصه منذ مارس 2024، بعد اكتشافه تورطه في صفقات تتعلق بتجارة الخمور ومحاولاته الترويج لها في دول عربية وإسلامية كالسعودية، الإمارات، ومصر، وهي دول تحترم ثقافتها وقيمها الدينية.

و لم يكن هذا القرار مجرد إجراء مهني، بل جاء نتيجة مراجعة دقيقة لما أصبح يمثله فان دام من سلوكيات تتنافى مع المبادئ التي يؤمن بها التلباني، خصوصًا بعدما تبيّن أن التجاوزات لم تقتصر على الجانب التجاري، بل امتدت إلى سلوكيات غير أخلاقية وقانونية أثرت على أسرته وأصدقائه وشركائه في العمل. أمام هذه المعطيات، وجد التلباني أن الاستمرار في التعامل معه سيكون بمثابة قبول ضمني لهذه التجاوزات، وهو أمر لا يتماشى مع قناعاته المهنية والأخلاقية، فكان القرار الحاسم بقطع العلاقة نهائيًا.

وما إن أعلن التلباني عن موقفه، حتى اجتاح اسمه مواقع التواصل الاجتماعي، متصدرًا التريند، حيث عبّر الجمهور العربي عن دعمه الكامل لهذا القرار، معتبرين أنه موقف مشرف ونادر في عالم تتحكم فيه المصالح المادية. كثيرون رأوا في تصرف التلباني نموذجًا يجب أن يُحتذى به، خصوصًا في وقت باتت فيه بعض الشخصيات الإعلامية تغض الطرف عن التصرفات غير الأخلاقية مقابل الحفاظ على مصالحها. لكن التلباني أثبت أن النجاح لا يُقاس فقط بالشهرة أو المال، بل بالقدرة على اتخاذ مواقف جريئة تحترم القيم والمجتمع.

و لم يكن هذا أول موقف يثبت فيه التلباني نزاهته المهنية، فقد عُرف دائمًا بحرصه على التعامل مع الشخصيات العالمية بما يتماشى مع مبادئه، واضعًا الحدود التي تمنع استغلال اسمه في ترويج ما يتنافى مع القيم التي يؤمن بها. وعندما تعلق الأمر بفان دام، لم يتردد في اتخاذ القرار المناسب، حتى لو كان ذلك يعني خسارة شراكة مع نجم عالمي. في زمن يُباع فيه الولاء بسهولة، يأتي موقف التلباني ليؤكد أن هناك من لا يزالون يؤمنون بأن النزاهة لا تقبل المساومة، وأن المبادئ الحقيقية لا تتغير أمام المصالح المادية.

إن موقف التلباني ليس مجرد قرار شخصي، بل رسالة لكل العاملين في مجال الإعلام والعلاقات العامة، مفادها أن المهنية الحقيقية تعني تحمل المسؤولية وعدم الصمت أمام التجاوزات. الإعلامي الناجح ليس من يساير الأخطاء خوفًا من خسارة مكاسبه، بل من يتحلى بالشجاعة لرفض ما يتعارض مع أخلاقياته. وهذا بالضبط ما فعله التلباني، مؤكدًا أن الاحترام الحقيقي يُكتسب بالمواقف الصادقة وليس بالمجاملات أو التهاون في مواجهة الخطأ.

وبعد هذا القرار، أصبح واضحًا أن موقف التلباني لن يكون مجرد حدث عابر، بل سيكون نقطة تحول في طريقة تعامل الإعلاميين مع الشخصيات العامة، حيث أرسل رسالة واضحة بأن المسؤولية الإعلامية تتطلب الشجاعة لمواجهة التجاوزات، وليس الصمت عنها. وبذلك، استطاع أن يرسّخ قيمًا منسية في هذا المجال، ويثبت أن النجاح الحقيقي هو تحقيق التوازن بين التفوق المهني والالتزام بالمبادئ.

ومن خلال موقفه، يقدّم وليد التلباني درسًا في الأخلاق المهنية، يؤكد أن المصداقية والقيم الأخلاقية هي أساس النجاح. فبدلًا من أن يكون جزءًا من منظومة تبرر الأخطاء، فضّل التمسك بمبادئه، ليصبح مثالًا يُحتذى به لكل من يعمل في مجال الإعلام والعلاقات العامة. موقفه هذا لم يكن مجرد خطوة فردية، بل شهادة بأن المبادئ لا تزال لها مكان في عالم تسوده المصالح.

وفي النهاية، يبقى قرار وليد التلباني شاهدًا على أن الإعلامي الحقيقي هو من يتحلى بالشجاعة لاتخاذ المواقف الصحيحة، حتى لو كان الثمن التخلي عن شراكات مهمة. ولهذا السبب، لم يكن غريبًا أن يُصبح اسمه حديث السوشيال ميديا، وأن يُحتفى به كنموذج للنزاهة والمهنية، في زمن أصبح فيه الالتزام بالمبادئ أمرًا نادرًا.