الكاتب الصحفي الكبير مجدي الجلاد: السر وراء انهيار امبراطورية نوال الدجوي؟!

كتب: مصطفى صلاح
بعيدًا عن الضجيج الفضائحي الذي أحاط بالأحداث الأخيرة في عائلة الدكتورة نوال الدجوي، يلفت الكاتب الصحفي مجدي الجلاد الأنظار إلى زاوية أكثر عمقًا وإلحاحًا في تحليل هذا الانهيار؛ زاوية اقتصادية تُغفل عادة في زحام "التريند"، لكنها تمثّل لبّ الأزمة.
في تعليق نشره عبر صفحته الرسمية على "فيسبوك"، تساءل الجلاد: ما السر الحقيقي وراء انهيار إمبراطورية نوال الدجوي؟ ليجيب: الأمر لا يتعلق فقط بحكايات الأسرار العائلية التي تروَّج على المنصات، بل بجذور أعمق تمتد إلى طبيعة الكيانات الاستثمارية العائلية، وسقوطها عند مفترق الأجيال.
فالقاعدة الاقتصادية المعروفة عالميًا، والتي خضعت للدراسة في مئات الأبحاث ورسائل الدكتوراة، تقول إن الشركات العائلية تواجه خطر الانهيار غالبًا مع الجيل الثالث، جيل الأحفاد. وهذا ليس أمرًا اعتباطيًا، بل نمط متكرر يتأكد في كل دراسة.
واستدعى الجلاد في تحليله تجربة واحدة من أشهر العلامات التجارية العالمية: "غوتشي". تأسست عام 1921 على يد جوتشيو غوتشي في فلورنسا، وازدهرت حتى غدت أيقونة عالمية في عالم الأزياء. لكن مع انتقال الملكية والإدارة إلى الأحفاد، بدأت الصراعات، وتفجرت الفضائح، وكادت العلامة العريقة أن تنهار، قبل أن تتدخل شركة فرنسية وتنقذها بشراء أغلبية الأسهم. تجربة تعيدنا مباشرة لما يحدث اليوم في كواليس عائلة الدجوي.
ويشير الجلاد إلى أن مشكلة انتقال الملكية بين الأجيال دون إعداد مؤسسي حقيقي، كانت السبب الرئيسي في ما حدث. إذ انتقلت إدارة استثمارات "ماما نوال"، كما يسميها بحفاوة، إلى الجيل الثاني (شريف ومنى الدجوي)، ثم إلى الأحفاد بعد وفاتهما، دون أن تُحاط هذه المرحلة الحساسة بنظام حوكمي يحمي الكيان من التفكك العاطفي والصدام العائلي.
ورغم ما يكنّه لها من احترام كبير، يعبّر الكاتب عن اندهاشه من عدم إدراك الدكتورة نوال الدجوي لهذا الخطر مبكرًا، وعدم اتخاذ تدابير وقائية كان يمكن أن تحفظ هذه التجربة الرائدة من هذا المصير.
ولكي لا يكون المقال مجرد تأريخ للمأساة، يضع الجلاد يده على الحل: الحوكمة أو "المأسسة". أي تحويل الكيان العائلي إلى منظومة تعمل بقواعد الشركات الكبرى، بعيدًا عن الأهواء والميراث والقرابة، وفق قواعد شفافة تفصل الملكية عن الإدارة، وتمنع تسليم المناصب الحساسة لأشخاص يفتقرون إلى الكفاءة، ويظنون أن القرابة وحدها تمنحهم حق القرار.
ويختم الجلاد تعليقه برسالة واضحة: الدرس الحقيقي في مأساة الدجوي ليس في ما يُعرض على "مصاطب الفضائح"، بل في غياب المأسسة، وانعدام الاستعداد لمرحلة ما بعد المؤسس.