د. جيهان رجب: ما أضاء في السماء ليس فقط غازًا... بل هشاشتنا الداخلية

كتب: مصطفى صلاح
أكدت الأستاذة الدكتورة جيهان رجب، أستاذ بجامعة عين شمس، أن حالة الانبهار والجدل التي رافقت ظهور الأضواء الغريبة في سماء مصر تعكس "احتياجًا نفسيًا جماعيًا للهروب من ضغوط الواقع".
وقالت رجب: "في لحظات التوتر الجماعي يصبح الإنسان أكثر حساسية لما حوله، وأحيانًا لما يتخيله. ما حدث ليس مجرد ومضات ضوء، بل لحظة هروب جماعي من واقع يثقل النفس بالغلاء والقلق واللاجدوى".
وأضافت: "العين ترى، لكن العقل هو من يفسر. حتى لو كانت الأضواء ظاهرة فلكية بحتة، فإن وقعها النفسي يختلف باختلاف الحالة الشعورية للمجتمع".
وأوضحت أن الإنسان في مثل هذه اللحظات يلجأ إلى ما تسميه الدراسات النفسية "الإسقاط الرمزي"، قائلة:"عندما يعجز الإنسان عن استيعاب ما يحدث على الأرض، يبدأ في تأويل السماء، سواء كعلامة ربانية أو مؤامرة كونية أو حتى نذير نهاية. وهذا ليس فقط بحثًا عن تفسير، بل أيضًا عن راحة نفسية".
وحول الأثر العميق الذي تركته الظاهرة في النفوس، صرّحت: "ما أضاء في السماء لم يكن فقط غازًا أو تجربة صاروخية... بل أضاء شيئًا في داخلنا. هشاشتنا، خوفنا، وتوقنا ليد خفية تفسر لنا ما لا نفهمه".
وربطت رجب بين تكرار هذه التأويلات الشعبية وبين الأزمات الكبرى، مشيرة إلى أن: "في أوقات الأزمات يصبح العقل مهيأً لتصديق كل ما يمنحه معنى. ولذلك تنتشر الشائعات، وتعود الأساطير، وتُصبح السماء مرآةً لأحلامنا ومخاوفنا في آنٍ واحد".
لكنها حذّرت من المبالغة في هذا الهروب الرمزي، قائلة: "الهروب ليس سلبيًا دائمًا، فقد يمنح الإنسان فسحة من الخيال وسط واقع خانق، لكن خطورته تبدأ حين يتحول إلى قطيعة عن الواقع أو إلى تصديق مؤامرات تُعطل قدرة الإنسان على التفكير النقدي".
وفي ختام تصريحاتها، دعت إلى قراءة الظاهرة بعيون أكثر وعيًا: "ربما لا نحتاج إلى معجزة تنزل من السماء، بل إلى أن نعيد اكتشاف الضوء داخلنا. هذه الأضواء كشفت أننا ما زلنا نبحث عن معنى، وعن أمل... حتى في أحلك اللحظات".